الجامع الكبير في الزقازيق: تحفة عثمانية وتاريخ حافل

يعتبر الجامع الكبير أو ما يعرف بـ مسجد محمد علي باشا، من أقدم وأهم المعالم الإسلامية في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية. وشيد المسجد في عام 1832م ليكون بمثابة مكان للصلاة للعمال الذين شاركوا في بناء القناطر التسعة على بحر مويس. وهي قناطر مهمة لتنظيم الري وتوفير المياه في المنطقة.
وعلى مر العصور، ظل الجامع الكبير معلمًا دينيًا وتاريخيًا بارزًا. حيث شهد العديد من التطورات والتجديدات التي حافظت على مكانته كأحد أبرز المساجد الأثرية في مصر.
موقع الجامع الكبير
يقع المسجد في حي القيسارية، أحد أقدم أحياء الزقازيق. ويتميز بموقعه الحيوي وسط المدينة، حيث يحيط به عدد من الشوارع الرئيسية، مما يجعله مَعلمًا بارزًا يمكن رؤيته بسهولة. ومنذ بنائه في العصر العثماني، أصبح المسجد مركزًا لنشر العلم والدعوة. إذ كان العلماء والفقهاء يتوافدون إليه لإلقاء الدروس الدينية وحلقات الذكر.
ويتميز المسجد بطراز معماري عثماني رائع، حيث يتكون من ثلاثة أروقة تفصل بينها صفوف من الأعمدة الرخامية، تحمل خمسة عقود مدببة. وسقف المسجد مزخرف بنقوش نباتية وهندسية دقيقة تعرف بفن الأرابيسك، وهي من أجمل عناصر العمارة الإسلامية. كما يضم المسجد شخشيخة مثمنة الشكل في المنتصف، تُستخدم للإنارة الطبيعية والتهوية، وتزين بزخارف الطبق المجني الفريدة.
مئذنة الجامع
تعد مئذنة المسجد من أبرز معالمه، حيث يبلغ ارتفاعها 30 مترًا. وهي مبنية من الحجر الجيري وفق الطراز المملوكي. وتتكون المئذنة من ثلاثة طوابق:
- الطابق الأول: مربع الشكل، ويضم القاعدة الأساسية للمئذنة.
- الطابق الثاني: مثمن الشكل، مزخرف بنقوش هندسية إسلامية.
- الطابق الثالث: أسطواني الشكل، وهو الجزء العلوي الذي ينتهي بقبة صغيرة يعلوها هلال نحاسي.
وتعد هذه المئذنة واحدة من أقدم المآذن في محافظة الشرقية. كما تضفي على المسجد طابعًا أثريًا مميزًا، وشهد الجامع الكبير عدة تجديدات على مر العصور، من أبرزها:
- عام 1894م: أعيد ترميم المسجد في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني. كما هو موضح في اللوحة التذكارية أعلى المدخل الغربي.
- عام 1993م: خضع المسجد لأعمال ترميم شاملة. وتم افتتاحه مجددًا بحضور وزير الأوقاف الدكتور محمد علي محجوب ومحافظ الشرقية آنذاك الدكتور عبد الوهاب سيد أحمد.
الدور الديني والثقافي للمسجد
إلى جانب دوره كمكان للصلاة، يعتبر الجامع مركزًا لنشر المعرفة الدينية والثقافية. حيث تقام فيه حلقات الذكر والدروس الفقهية التي يحضرها العديد من أهالي الشرقية. كما تستضيف إدارة المسجد قوافل دعوية وأمسيات دينية تشرف عليها مديرية أوقاف الشرقية. بالإضافة إلى ذلك، يُستخدم المسجد لإقامة صلاة الجنازة، مما يعكس أهميته الروحية والمجتمعية.
ويقول الدكتور مصطفى شوقي، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية بالشرقية، إن الجامع الكبير يعتبر من الأمثلة الفريدة في تخطيط المساجد العثمانية. حيث يفتقر إلى الصحن أو الدركاة، وهو ما يميزه عن غيره من المساجد العثمانية في مصر. كما أنه مسجل كأثر إسلامي بجلسة اللجنة الدائمة بتاريخ 13 يناير 1998. وصدر له قرار وزاري برقم 493 لسنة 2001 لإدراجه ضمن الآثار الإسلامية المسجلة.