قبائل و عائلات

عائلة الهوارة في قنا: تاريخ ممتد وجذور عربية راسخة

أسماء صبحي

تعد عائلة الهوارة من أعرق العائلات في محافظة قنا، ومن أكثر العائلات تأثيرًا في تاريخ الصعيد المصري. وتمتد جذور هذه العائلة إلى قبيلة الهوارة العربية التي هاجرت من شمال إفريقيا واستقرت في صعيد مصر خلال القرن الرابع عشر الميلادي. وعلى مدار القرون لعبت هذه العائلة دورًا بارزًا في تشكيل المجتمع المحلي سواء من خلال العمل السياسي، الاقتصادي، أو حتى الاجتماعي.

وفي هذا المقال، سوف نتعرف على أصول العائلة، أبرز شخصياتها، ودورها في نهضة قنا وصعيد مصر.

أصول عائلة الهوارة

تعود أصول العائلة إلى قبيلة هوارة الأمازيغية التي نشأت في شمال إفريقيا، تحديدًا في مناطق ليبيا والمغرب العربي. ومع توسع القبائل العربية بعد الفتح الإسلامي هاجرت بعض بطون القبيلة إلى مصر واستقرت في مناطق الصعيد، خصوصًا في قنا وسوهاج. وكان الهوارة معروفين بشجاعتهم وقوتهم مما جعلهم قوة مؤثرة في المنطقة.

ويذكر المؤرخ نعوم شقير في كتابه “تاريخ سيناء والعرب”، إن الهوارة من أعظم القبائل التي دخلت مصر، وكان لهم تأثير كبير على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الصعيد. إذ سيطروا على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وأسهموا في تشكيل البنية القبلية للمنطقة.

بروزها في المشهد السياسي

لم يكن نفوذ العائلة مقتصرًا على الثراء أو الأراضي، بل برز أفرادها في المشهد السياسي في مراحل متعددة من تاريخ مصر. كما كان لهم دور في التصدي للحملات العثمانية، وحافظوا على استقلالهم النسبي في بعض الفترات. ومن أشهر الشخصيات التاريخية:

  • الشيخ همام الهواري: يعد من أبرز شخصيات العائلة في القرن الثامن عشر. إذ أسس ما يُعرف بـ “دولة الهوارة” في صعيد مصر. كما سيطر على قنا وأجزاء من أسيوط وسوهاج، ونجح في بناء نظام إداري مستقر، حتى أطيح به في حملة عثمانية عام 1769.
  • محمد بك الهواري: شارك في الحراك الوطني ضد الاحتلال البريطاني في أوائل القرن العشرين. كما كان من الشخصيات المؤثرة في الحركة الوطنية في الصعيد.

دورها في المجتمع المحلي

إلى جانب دورهم السياسي، كان للعائلة أثر كبير في المجتمع المحلي بمحافظة قنا. حيث استثمروا في الزراعة، وامتلكوا مساحات شاسعة من الأراضي ما ساعد في توفير فرص عمل لأهالي المنطقة. كما اهتموا بالتعليم، وساهموا في بناء مدارس ومعاهد دينية لتعليم الأطفال والشباب.

ويقول الدكتور عبد الله حسن، أستاذ التاريخ في جامعة جنوب الوادي، إن الهوارة كانت تعتبر من العائلات الرائدة في قنا. حيث لم تقتصر مساهماتهم على النفوذ السياسي فقط، بل امتدت إلى العمل المجتمعي والخيري. مما جعلهم جزءًا لا يتجزأ من نسيج الصعيد الثقافي والاجتماعي.

ورغم مرور الزمن، لا تزال العائلة تحافظ على العادات والتقاليد العربية الأصيلة. حيث تنظم الاجتماعات العائلية الكبرى في المناسبات، وتقام الاحتفالات بالأعراس والمواسم الدينية بأسلوب يجمع بين الأصالة والمعاصرة. كما يهتم كبار العائلة بنقل التاريخ الشفهي والقصص القديمة للأجيال الجديدة، للحفاظ على إرثهم العريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى