حوارات و تقارير

تاريخ قمر الدين وعلاقته بشهر رمضان.. وهذا سبب تسميته

حدى القرى الشامية العريقة، التي كانت تمتد بساتين المشمش في أرجائها كما يحتضن الأم طفلها بحنان، عاش رجل بسيط يدعى “أمر الدين” كان فلاحًا شغوفًا بأرضه، يكرس جهده في زراعة المشمش والعناية به حتى موعد جنيه، غير أن مشكلته الكبرى كانت أن هذه الفاكهة الذهبية لا تلبث أن تذبل وتفسد إن لم تستهلك سريعًا، كما ظل أمر الدين يفكر في وسيلة تمكنه من حفظ هذا الكنز الطبيعي لأطول فترة ممكنة، حتى استوحى فكرته من الشمس التي كانت تمنحه دفئها ونورها بسخاء.

رقائق المشمش

انطلق أمر الدين في تجربة جديدة، حيث قام بعصر المشمش الناضج وسكبه فوق ألواح خشبية ملساء، ثم تركه ليجف تحت أشعة الشمس الحارقة وبعد أيام قليلة، فوجئ بأن العصير قد تحول إلى رقائق ذهبية تحافظ على نكهة المشمش العطرية ومذاقه اللذيذ. لم يكن يعلم حينها أن اكتشافه هذا سيخلد اسمه عبر الأجيال، كما أوردت صحيفة “إندبندنت”.

وذات يوم، خلال إحدى رحلات التجار المتجهة إلى دمشق، لفتت هذه الرقائق الغريبة انتباه أحد التجار، فتذوقها وأعجب بمذاقها الفريد. سارع إلى حمل بعضٍ منها وطرحها في سوق المدينة، وسرعان ما انتشر خبر “الأوراق الذهبية” المنسوبة للفلاح الحكيم أمر الدين، حتى وصلت إلى قصر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، الذي كان يعرف بذوقه الرفيع في اختيار أشهى المأكولات والمشروبات.

في إحدى ليالي رمضان، وبينما كان الخليفة يستعد للإفطار بعد يوم طويل من الصيام، قدم له شراب بلون الشمس، شفاف كضوء القمر، تفوح منه رائحة المشمش الطازج. ارتشفه الخليفة فشعر وكأنه يروي ظمأه بماء بارد من نهر عذب في واحة خضراء التفت إلى خادمه وسأله عن هذا الشراب العجيب، فأجابه: “يا مولاي، إنه من صنع رجل يدعى أمر الدين”.

ابتسم الخليفة وقال: “ما أشبه لونه بالقمر ليلة الصيام، فلنسمه قمر الدين”.

ومنذ تلك الليلة، أصبح قمر الدين مشروبًا رمضانيًا أساسيًا، حيث يعاد إحياؤه كل عام عند رؤية هلال الشهر الفضيل، تفتح الأكياس، وتذاب رقائق المشمش في الماء لتعود إلى الحياة وكأنها تعبر عن امتنانها لشمس الشام التي حفظتها، ولقمر رمضان الذي منحها شهرتها الخالدة.

رغم تعاقب السنين وتغير العادات، بقي قمر الدين رمزًا أصيلًا للشهر المبارك، يرافق موائد الإفطار والسهرات الرمضانية، ويسرد قصة رجل بسيط زرع فكرة، فحصد إرثًا خالدًا لا يزال ينبض بالحياة.

أصل التسمية وعلاقته بشهر رمضان

يعتبر قمر الدين من المشروبات الرمضانية الأكثر شهرة في العالم العربي، حيث يتميز بمذاقه الرائع وفوائده الصحية العديدة، ويصنع هذا المشروب من المشمش المجفف، ويشتهر بقدرته على ترطيب الجسم وتعويضه بالعناصر الغذائية بعد يوم طويل من الصيام، لكن كيف نشأ قمر الدين؟ وما السر وراء ارتباطه بشهر رمضان؟

ما هو قمر الدين؟

قمر الدين هو عصير مصنوع من المشمش المجفف، حيث يتم إعداد ألواحه عن طريق عصر المشمش الناضج وسكبه على ألواح خشبية ملساء ليجف تحت أشعة الشمس. بعدها، يتم تقطيعه إلى شرائح رقيقة وتعبئته في عبوات لحفظه، ليُستخدم لاحقًا في تحضير العصائر والحلويات مثل مهلبية قمر الدين.

تاريخ مشروب قمر الدين ونشأته

تختلف الروايات حول منشأ قمر الدين، لكن معظم المصادر التاريخية ترجح ظهوره في العصر الأموي، حيث يقال إن الخليفة عبد الملك بن مروان كان أول من تذوقه خلال شهر رمضان بعد أن قدم له في قصره بدمشق.

وتشير بعض الروايات إلى أن الاسم يعود إلى قرية شامية يطلق عليه اسم “أمر الدين”، حيث كان سكانها أول من صنع هذا الشراب، ومع مرور الزمن، تحول نطقه من “أمر الدين” إلى “قمر الدين”، خصوصًا مع ارتباطه الوثيق برؤية هلال رمضان.

أصول شجرة المشمش وعلاقتها بصناعة قمر الدين

يرجع الموطن الأصلي لشجرة المشمش إلى الصين، حيث كانت تنمو برِّيًا في جبال بكين منذ آلاف السنين. وتشير بعض الدراسات إلى أن زراعتها بدأت بشكل منظم في الهند منذ نحو 3000 عام قبل الميلاد، ثم انتقلت إلى بلاد فارس، ومنها إلى منطقة الشام، التي اشتهرت بصناعة قمر الدين لجودة المشمش المزروع فيها.

لماذا يرتبط قمر الدين بشهر رمضان؟

كما يعد قمر الدين من المشروبات المثالية للصائمين، حيث يساعد على ترطيب الجسم وتعويض السوائل التي يفقدها أثناء الصيام، خاصة في الأجواء الحارة. كما أنه غني بالفيتامينات والمعادن مثل البوتاسيوم والكالسيوم والحديد والمغنيسيوم، مما يجعله خيارًا صحيًا وقت الإفطار.

الخلاف حول تسمية قمر الدين

لا يزال هناك جدل حول أصل التسمية، إذ يعتقد البعض أن الاسم مستوحى من قرية “أمر الدين” في الشام، بينما يرى آخرون أنه مرتبط بهلال رمضان، نظرًا لاستهلاكه الواسع في هذا الشهر المبارك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى