معبد الغويطة وقصر الزيان.. حصون أثرية على دروب القوافل في قلب الصحراء الغربية

لا تزال الحصون التاريخية بجدرانها الشاهقة تقف شامخة فوق المرتفعات، تحكي قصص آلاف السنين عن طرق التجارة القديمة التي اجتازت الصحراء الغربية، وربطت وادي النيل بالمناطق النائية. ويعد معبد الغويطة من أبرز تلك المعالم، حيث يقع شرق طريق الخارجة – باريس في محافظة الوادي الجديد، على هضبة يبلغ ارتفاعها نحو 70 مترًا. شيد هذا المعبد خلال العصر البطلمي، وعرف باسم “البيت الرحب”، ليكون محطة رئيسية للقوافل التجارية المارة بطريق درب الأربعين، حيث تزودت بالمؤن، مما أكسب الموقع أهمية كبيرة عبر الحقب التاريخية. كما أصبح مركزًا لجمع الكروم وصناعة النبيذ الذي تم تصديره إلى وادي النيل. وقد بني المعبد من الحجر الرملي، وأُحاط بسور ضخم من الطوب، وتجاوره بقايا مبانٍ استخدمت لخدمة المعبد.
النقوش التاريخية تكشف أسرار معبد الغويطة
تشير أقدم النقوش المكتشفة في المعبد إلى أنه يعود إلى العصر الفارسي، وتحديدًا الأسرة السابعة والعشرين، إذ تم العثور على خرطوش ملكي مكتوب باللون الأحمر يحمل اسم الملك داريوس الأول. كما تضم جدرانه نقوشًا من العصر البطلمي، تحمل أسماء ملوك بطالمة بارزين مثل بطليموس الثالث يورجيتيس، بطليموس الرابع فيلوباتور، وبطليموس العاشر.
كما خصص المعبد لعبادة ثالوث طيبة آمون وموت وخنسو، ويعتقد أنه أعيد بناؤه خلال العصر الروماني ليصبح حصنًا يراقب الطرق الصحراوية القديمة، خاصة طريق درب الأربعين الذي كان يربط أسيوط بالواحات ويمتد حتى دارفور بالسودان، إضافة إلى طريق درب بولاق الذي يصل بين الواحات ووادي النيل.
حصل معبد الغويطة على اسمه “البيت الرحب” وفقًا للنقوش الموجودة على الجدار الجنوبي لصالة الأعمدة وواجهة باب صالة قدس الأقداس. وتزين واجهة الصالة الأمامية نقوش بارزة للملك بطليموس الثالث في مشاهد مختلفة مع الآلهة. كما اكتشفت بالقرب من المعبد جبانة أثرية تعود إلى عصر الدولة الوسطى، إضافة إلى بقايا مدينة سكنية ترجع إلى عصر الانتقال الثاني، مما يدل على أن هذه المنطقة كانت مأهولة بالسكان منذ عصور ما قبل الأسرة السابعة والعشرين.
تاريخهم
على بعد نحو 26 كيلومترًا جنوب مدينة الخارجة، يقف معبد قصر الزيان كإحدى المحطات الرئيسية على طرق التجارة القديمة. ويقع على مسافة قريبة من معبد الغويطة، مما جعله ملتقى أساسيًا لطريقي نقب بولاق ودرب الأربعين، حيث ازدادت أهميته خلال العصر الروماني نظرًا لخصوبة الأراضي المحيطة به. يحيط بالمعبد مجموعة من المباني المشيدة من الطوب اللبن، بالإضافة إلى بئر مياه شهير يعرف باسم “البئر العظيم”، الذي كان يوفر المياه لخدمة القائمين على المعبد، ويحيط به سور ضخم تتوسطه بوابة المعبد.
كما بني المعبد من الحجر الرملي الصلب، ويتألف من صالة تؤدي إلى قدس الأقداس، حيث توجد نيشة في الجدار الشمالي كانت تحتوي على تمثال للمعبود آمون هبت، الذي كرس له المعبد بالكامل. تحيط به مجموعة من المباني المبنية بالطوب اللبن، التي كانت تستخدم لخدمة المعبد، كما يحيط بالسور الضخم بوابة ضخمة تعكس مكانته المقدسة.