تاريخ ومزارات

قلعة بهلاء: جوهرة عمان التاريخية وشاهد الحضارات

أسماء صبحي 

تعد قلعة بهلاء واحدة من أقدم وأهم القلاع في سلطنة عمان ومنطقة الخليج العربي عمومًا، حيث تجسد تاريخًا يمتد لعدة قرون. كما تعكس مزيجًا من التأثيرات الثقافية والهندسية التي شهدتها عمان عبر العصور.

تقع القلعة في ولاية بهلاء بمحافظة الداخلية، وتتميز بموقعها الاستراتيجي الذي جعلها مركزًا للقوة والسيطرة خلال فترات تاريخية مختلفة. ونظراً لأهميتها التاريخية، تم إدراجها في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1987. مما يعزز مكانتها كإحدى أبرز المعالم التاريخية في المنطقة.

تاريخ قلعة بهلاء

يعتقد أن بناء القلعة يعود إلى ما قبل الإسلام، حيث كانت المنطقة موطنًا للحضارات القديمة التي استخدمت الطين والحجر في إنشاء تحصينات قوية لحماية المستوطنات من الغزوات. لكن الدور البارز للقلعة بدأ يتضح خلال حكم قبيلة بني نبهان، التي سيطرت على المنطقة بين القرنين الثاني عشر والسابع عشر. حيث قاموا بتوسيع القلعة وتعزيز دفاعاتها لتكون مقرًا للحكم وعاصمة سياسية قوية.

وشكلت القلعة مركزًا عسكريًا وإداريًا مهمًا خلال فترة حكم الإمامة العمانية. حيث كانت تستخدم لحماية طرق التجارة الممتدة عبر الواحات العمانية، وتأمين القوافل التي كانت تنقل البضائع بين ظفار ومسقط ونزوى وصولًا إلى باقي دول الخليج. كما لعبت دورًا رئيسيًا في التصدي للغزوات الخارجية، خاصة خلال النزاعات مع البرتغاليين في القرن السادس عشر.

تصميم القلعة

تتميز قلعة بهلاء بأسلوب معماري يعكس الطراز العماني التقليدي. حيث صممت بالكامل من الطين المدعّم بجدران سميكة، مما يساعد في تحمل الظروف المناخية القاسية. كنا تضم القلعة مجموعة من المعالم البارزة، من بينها:

  • الأسوار الدفاعية: يبلغ طول الأسوار المحيطة بالقلعة أكثر من 12 كيلومترًا، ويصل ارتفاع بعضها إلى 15 مترًا. مما جعلها من أكثر القلاع تحصينًا في المنطقة.
  • الأبراج العسكرية: تحتوي القلعة على عدة أبراج للمراقبة والدفاع، والتي كانت تستخدم لرصد أي تحركات معادية والتصدي للغزاة.
  • البوابات الضخمة: تضم القلعة بوابات رئيسية مصنوعة من الخشب المقوى. كانت تستخدم للتحكم في الدخول والخروج وحماية القلعة من الهجمات.
  • المسجد القديم: يعكس هذا المسجد الطابع الإسلامي للقلعة، حيث كان يُستخدم لأداء الصلوات وعقد الاجتماعات بين قادة المنطقة.
  • الآبار والأنظمة المائية: تضم القلعة مجموعة من الآبار التي تم حفرها لتوفير المياه لسكان القلعة أثناء الحصار. إلى جانب نظام متطور من الأفلاج (قنوات المياه الجوفية) التي كانت تضمن إمدادات مستمرة للمياه.

الأساطير والقصص المرتبطة بالقلعة

ارتبطت القلعة بعدد من الأساطير الشعبية التي جعلتها موضع اهتمام الباحثين وعلماء الفولكلور. ومن أبرز هذه الأساطير قصة الجن، حيث يعتقد بعض سكان المنطقة أن القلعة كانت تبنى ليلاً بواسطة كائنات خارقة. وأنها محصنة ضد الهدم بفضل قوى سحرية، وهو ما جعلها واحدة من أكثر القلاع غموضًا في المنطقة.

وبعد قرون من الاستخدام العسكري، تحولت القلعة اليوم إلى معلم سياحي وتاريخي بارز. حيث تم ترميم أجزاء كبيرة منها للحفاظ على هيكلها الأصلي. كما أصبحت القلعة مكانًا للفعاليات الثقافية والمهرجانات التراثية التي تبرز التاريخ العماني العريق.

ويقول الدكتور سالم البوسعيدي، الباحث في التاريخ العماني، إن قلعة بهلاء ليست مجرد مبنى تاريخي، بل هي رمز للقوة والعراقة العمانية. كما لعبت دورًا مهمًا في تشكيل هوية المنطقة، وكانت مركزًا للسلطة والإدارة لعدة قرون. ويعكس إدراجها ضمن قائمة اليونسكو قيمتها التراثية الفريدة التي يجب الحفاظ عليها للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى