خان أسعد باشا: جوهرة دمشق التاريخية ورمز عراقة طريق الحرير
في قلب سوق البزورية، الذي يعد من أعرق أسواق دمشق والعالم. كما تمتزج عبق الماضي بروائح التوابل الزكية المنبعثة من المحال التجارية التي تزين واجهاتها بمزيج فني متناغم من الألوان. وسط هذا الزخم والازدحام، يتربع خان أسعد باشا، الذي يعد من أكبر الخانات في الشرق الأوسط، ليجسد مكانة دمشق الاقتصادية والفنية كإحدى المحطات البارزة على طريق الحرير. الخان، بهندسته الفريدة التي تعكس عظمة حضارات الإغريق والرومان والإسلام. كما يروي قصة مدينة تعتبر أقدم عاصمة مأهولة بالتاريخ، ويعبر عن الانفتاح الفكري والثقافي لأهلها.
تاريخ خان أسعد باشا
يمتد السوق لنحو كيلومتر، تتخلله ضوضاء وحركة مستمرة، ولكن بمجرد عبور البوابة العريقة للخان التي لا تزال قائمة منذ إنشائها قبل 270 عاماً، يدخل الزائر إلى عالم مختلف يعمه الهدوء والجمال المعماري. هذا المكان بني ليكون شاهدًا على عراقة دمشق وإبداع حرفييها.
كما بدأ بناء خان أسعد باشا عام 1751 بأمر والي دمشق أسعد باشا العظم، وانتهى عام 1753. يروي المؤرخون أن الخان بني ليكون مركزاً لتبادل البضائع وراحة التجار الذين كانوا يمرون عبر دمشق بموقعها الاستراتيجي على طريق الحرير.
شهدت دمشق في عهد أسعد باشا نهضة اقتصادية واجتماعية وفكرية، حيث تميز حكمه بالاستقلالية النسبية عن الأوامر السلطانية. غير أن الخان لم يسلم من الكوارث الطبيعية، إذ تضرر بزلزال عام 1759 الذي أدى إلى تهدم عدد من قبابه، كما تعرض لحريق كبير دمر الكثير من أثاثه وسجلاته.
في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، قام تجار سوق البزورية بإجراء ترميمات بسيطة للخان للحفاظ عليه من الانهيار، ثم تحول لاحقاً إلى ملكية وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار.
تصميم معماري فريد
يمتد خان أسعد باشا على مساحة 2500 متر مربع، ويتكون من طابقين. الطابق الأرضي يضم 40 غرفة موزعة على 11 جناحاً، استخدمت لتخزين البضائع وتوثيق الصفقات التجارية. أما الطابق العلوي فيحتوي على 44 غرفة خصصت لاستراحة التجار، بالإضافة إلى غرفة مدير الخان التي تطل على السوق لمراقبة الحركة التجارية.
كما يتميز الخان أيضاً بأربع أعمدة تحمل تسع قباب بارتفاعات متناوبة لتوزيع الضوء والهواء، وتوجد قبة مفتوحة فوق البحرة في وسط الساحة. المسجد الملاصق للخان ومحلاته التجارية البالغ عددها 33، تُعد جزءاً من كتلته المعمارية، مما يعكس تكامله الوظيفي والجمالي.