فنون و ادب

خفاف بن ندبة: شاعر وفارس العرب الذي تحدى الزمن

يعتبر خفاف بن ندبة بن عمير بن الحارث من أبرز فرسان العرب في الجاهلية، واسمه مرتبط بشجاعة نادرة وشعر مليء بالمعاني القوية. اشتهر بانتسابه إلى والدته ندبة بنت شيطان، التي كانت أَمَة سوداء سباها الحارث بن الشريد في غارة على بني الحارث بن كعب، ووهبها لابنه عمير فولدت له خفافاً.

من هو خفاف بن ندبة

كان خفاف، الذي أطلق عليه بأبي خراشة، معروفاً بين العرب بفروسيته وشاعريته، وبرز كواحد من أغربة العرب لشدة سواده. أدرك الإسلام وأسلم، وشارك في فتح مكة وغزوتي حنين والطائف. كان من أقرباء الشاعرة الخنساء، وتنوعت أشعاره بين المدح والهجاء، حيث دخل في مناقضات عديدة مع العباس بن مرداس، مما أضاف بعداً مميزاً لشخصيته الأدبية.

يذكر في “الأغاني” لأبي الفرج الأصفهاني أن خفاف ينتمي إلى سلالة عريقة تعود إلى قبائل سليم بن منصور. اشتهر في المعارك بشجاعته، ومنها يوم أغار مع معاوية بن الحارث على بني ذبيان، حيث قتل معاوية، فحمل خفاف ثأره وأردى فارس بني فزارة وسيدهم مالك بن حمار، قائلاً:

“فإن تك خيلي قد أصيب صميمها فعمداً على عيني تيممت مالكا”

كان خفاف شاعراً يعبر عن بطولاته ومواقفه بصدق، ودخل في مواجهة حادة مع العباس بن مرداس، حيث انتقد الأخير خفافاً أمام بني سليم، ووصفه بصفات انتقصت من شأنه، فرد العباس عليه برد قوي مليء بالتحدي والاعتزاز، ثم تبادلا أبياتاً من الشعر تحمل معاني العزة والنقد اللاذع.

في إحدى المعارك التي جمعتهما، اشتدت المواجهة بين الطرفين حتى تدخل كبار زعماء القبائل مثل دريد بن الصمة ومالك بن عوف لإنهاء القتال. كانت هذه المواقف دليلًا على قوة شخصية خفاف وعلاقاته المعقدة مع أقرانه من الفرسان والشعراء.

خفاف بن ندبة ليس فقط فارساً شجاعاً، بل أيضاً شاعر يعكس في أبياته روح العرب الأصيلة التي جمعت بين السيف والقلم، بين الصراع على الكرامة والاعتزاز بالأصل. كانت حياته ميداناً للمعارك والكلمات، مما جعله أسطورة باقية في تاريخ العرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى