قصة كنيسة الأم دولاجي: رمز التضحية والإيمان في صعيد مصر

تعد كنيسة الأم دولاجي واحدة من أجمل الكنائس الأثرية في صعيد مصر، وبالأخص في مدينة إسنا جنوب الأقصر. هذه الكنيسة تحكي قصة استثنائية لاستشهاد أم عظيمة وأبنائها الأربعة خلال فترة حكم الرومان بمصر في عهد الاضطهاد الذي قاده الإمبراطور دقلديانوس، لتظل رمزاً للتضحية والفداء.
قصة كنيسة الأم دولاجي
وفي هذا الصدد قال القس متاؤس زخاري، راعي الكنيسة، أن الكنيسة تضم رفات الشهيدة الأم دولاجي وأبنائها الأربعة، الذين يعرفون بأنهم باكورة شهداء إسنا. هذه الأم العظيمة قدمت حياتها وحياة أبنائها فداءً لإيمانها ودينها، مما جعل قصتها تُروى عبر الأجيال كمثال للصمود والشجاعة.
كانت الأم دولاجي معروفة بثرائها وسخائها، إذ وزعت أموالها على الفقراء والمحتاجين. وعندما دخل أريانوس والي أنصنا مدينة إسنا، التقى بأبنائها الأربعة: صوروس، هرمان، أبانوفا، وشنطاس، أثناء سوقهم لدابة محملة بالبطيخ. أوقفهم الوالي وأمرهم بالسير معه للسجود للأوثان، لكن الأبناء رفضوا بشدة وأعلنوا إيمانهم المسيحي. حاول الوالي إغراءهم ثم تهديدهم بالعذاب والموت، إلا أنهم تمسكوا بإيمانهم. وعندما وصل الخبر إلى والدتهم، سارعت إلى مكانهم لتدعمهم وتشد من أزرهم.
أمر الوالي بحبسهم جميعاً تمهيداً لمحاكمتهم. وخلال فترة احتجازهم، كانت الأم دولاجي تصلي مع أبنائها وتشجعهم على الثبات، مؤكدة لهم أن الله قد أعد لهم مكاناً في السماء. وفي صباح اليوم التالي، استدعاهم الوالي مجدداً وحاول إجبارهم على تقديم البخور للأوثان، لكن الأم صرخت بإيمانها المسيحي هي وأبناؤها.
قرر الوالي تنفيذ حكم الإعدام، فأمر بقطع رؤوس الأبناء على ركبتي أمهم واحداً تلو الآخر، بينما كانت الأم ترتل وتصلي. وفي النهاية، قطعوا رأسها لتلحق بأبنائها في الشهادة.
بعد استشهادهم، قام مسيحيو إسنا بجمع أجسادهم ولفها في أكفان ثمينة ودفنوها في منزلهم، الذي أصبح لاحقاً مكان الكنيسة الحالية. وأوضح القس متاؤس أن الكنيسة شهدت حدثاً تاريخياً حين دشنها البابا شنودة الثالث بعد ترميمها في 20 أكتوبر 2007. هذا اليوم كان احتفالاً عظيماً حضره الآلاف من الأهالي وقيادات دينية من المسيحيين والمسلمين. ولفت القس إلى موقف مميز لأحد المعلمين الذي اصطحب تلاميذه لتحية البابا شنودة عند وصوله.