حوارات و تقارير

أول بيت بيئي في الجزائر.. ثورة معمارية وصديقة للبيئة في قلب باتنة

تشهد قرية تابعليت ببلدية غسيرة جنوب ولاية باتنة حدثاً فريداً من نوعه، يتمثل في تدشين أول بيت بيئي وعضوي في الجزائر. هذا المشروع يعد نموذجاً مبتكراً للبناء باستخدام مواد محلية، حيث يتميز بتكاليف منخفضة وصلاحية متعددة للاستعمال سواء للإقامة الفردية أو للمشاريع السياحية في المناطق الجبلية، الصحراوية، الغابية، والسهبية.

أول بيت بيئي في الجزائر.

تمكنت المهندسة المعمارية عائشة سعيد حديد، صاحبة الفكرة والمشروع، من إنجازه في مدة قصيرة لا تتجاوز شهرين، بينما يمكن بناء مثل هذا البيت في أسبوعين فقط عند توفر المواد الأساسية مثل الطين والخشب والأحجار وأكياس الخيش. يعتمد تصميم البناء على الشكل الدائري باستخدام الطين المستخلص من الصلصال، والذي يخلط ويعبأ في أكياس الخيش، ثم يرص بطريقة تؤدي إلى بناء قبة مخروطية في النهاية. كما يحافظ هذا البيت على درجة حرارة مستقرة تتراوح بين 19 و23 درجة على مدار العام، مما يجعله مناسباً للسكن في كل مناطق الجزائر، سواء في برودة جبال الشريعة والبابور شتاءً أو حرارة عين صالح ووادي سوف صيفاً.

كما تستند عائشة في فكرتها إلى دراسات عالمية للمعماري الأمريكي الإيراني الأصل نادر خليلي، الذي استخدم لأول مرة الأكياس المحشوة بالطين في البناء، لكنها وجدت الإلهام محلياً من الطراز المعماري التقليدي الموجود في ضريح لالة صفية ببلدية شتمة في ولاية بسكرة. المشروع يعكس تكاملاً بين الحداثة والإرث التقليدي لشمال إفريقيا، ما يمنحه طابعاً أصيلاً ومستداماً.

فكرة المشروع

يقع البيت على ضفاف الوادي الأبيض بالقرب من منطقة غوفي السياحية، ويتميز بعدة خصائص تقنية تجعله مضاداً للزلازل وعازلاً للحرارة، الصوت، وحتى الإشارات اللاسلكية، ما يوفر بيئة مثالية للسياح الباحثين عن الهدوء. ويمكن تزويده بالطاقة الشمسية لتلبية احتياجات الكهرباء، كما يتاح تجهيزه بوسائل رفاهية حديثة لتلبية متطلبات مختلفة.

كما أكدت عائشة، التي تعتبر هذا المشروع حلمها الذي تحقق، أن دعم السكان المحليين كان عاملاً حاسماً في إنجاز البيت، حيث استندت إلى روح التكافل والتعاون الاجتماعي من خلال أسلوب التويزة. وترى أن هذا النمط من البناء يمكن أن يتحول إلى نموذج رائد للسكن الدائم أو للمشاريع السياحية، حيث يمكن تصميم بيوت مزودة بمسابح ومجهزة بأحدث الوسائل العصرية، وبكلفة تعادل عشر التكلفة المعتادة للبناء التقليدي باستخدام الإسمنت والطوب.

دعت المهندسة المستثمرين والمقاولين للاستفادة من هذا النموذج الثوري في المناطق السياحية، مشددة على أهمية تحديث القوانين للسماح باستخدام هذه التقنية والحصول على تراخيص البناء بسهولة. هذا المشروع لا يمثل فقط بداية لعصر جديد في البناء المستدام بالجزائر، بل يفتح الباب أمام فرص اقتصادية وبيئية واعدة تعزز من قيمة السياحة والتنمية المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى