عائلة القواسم: تاريخ بحري وسياسي بارز في الخليج العربي
أسماء صبحي
تعتبر عائلة القواسم من العائلات العربية التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الخليج العربي. حيث يعود أصلها إلى قبيلة عربية عريقة ذات جذور ممتدة في شبه الجزيرة العربية. وتأسست إمارة القواسم في القرن السابع عشر، وأصبحت واحدة من القوى البحرية والسياسية المهمة في المنطقة. خاصة في رأس الخيمة والشارقة، حيث ما زالت العائلة تحكم حتى اليوم.
تاريخ عائلة القواسم
تميزت القواسم بتأسيس أسطول بحري قوي جعلهم من القوى الرائدة في الخليج العربي. وكانت إمارتهم مركزًا مهمًا للتجارة البحرية وصيد اللؤلؤ. كما اعتمدت العائلة على الموقع الاستراتيجي لإمارتهم المطل على الخليج العربي لتعزيز التجارة مع الهند وشرق أفريقيا. مما جعلها منافسًا قويًا للقوى الاستعمارية الأوروبية، وخاصة البرتغاليين والبريطانيين.
لم يكن النفوذ البحري للقواسم مجرد أداة اقتصادية، بل تحول إلى عامل سياسي وعسكري قوي. حيث خاضت العائلة مواجهات مع القوى الاستعمارية التي سعت للسيطرة على المنطقة. كما اشتهرت معارك القواسم البحرية ضد البريطانيين، حيث استخدموا تكتيكات مبتكرة أثبتت فعاليتها في التصدي للأساطيل الكبرى.
التحديات والنهضة
في أوائل القرن التاسع عشر، شن البريطانيون حملة عسكرية ضد القواسم. عرفت باسم “الحملة البريطانية على رأس الخيمة” عام 1819، مما أدى إلى تدمير أسطولهم البحري. ورغم ذلك، تمكنت العائلة من النهوض مجددًا من خلال توقيع اتفاقيات سياسية حافظت على سيطرتهم المحلية. مثل “اتفاقية الصلح البحري الدائم” عام 1853.
واليوم، تستمر العائلة في لعب دور رئيسي في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويحكم الشيخ سلطان بن محمد القاسمي إمارة الشارقة منذ عام 1972..ويعد واحدًا من أبرز الشخصيات الثقافية والفكرية في المنطقة، حيث أسهم في تطوير الشارقة كمركز للثقافة والفنون.
ويشير الدكتور علي بن تميم الحميري، الباحث في التاريخ الخليجي، إلى أهمية القواسم في تشكيل هوية الخليج. قائلاً: “لعبت عائلة القواسم دورًا رياديًا في صد التدخلات الأجنبية والحفاظ على استقلال المنطقة. كما تمكنت من بناء نموذج متميز في القيادة التي تجمع بين الحنكة العسكرية والسياسية”.
ورغم تغير الظروف، لا يزال إرث القواسم البحري والسياسي مصدر إلهام لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد ساهمت العائلة في بناء جسور من التعاون بين الماضي والحاضر من خلال مشاريع ثقافية وتنموية تهدف إلى إبراز الهوية الخليجية.
