معبد هيبس: كنز الصحراء الخالد الذي يحكي تاريخ مصر عبر العصور
توجد أقدم نقوش عن حقوق المرأة قبل أكثر من ألفي عام على جدران معبد هيبس في قلب صحراء مصر، محاطة بنصوص طويلة تمجد الفضيلة وسماحة الأخلاق. كما أن داخل هذا الصرح التاريخي، ارتفعت أضخم بوابة في صحراء مصر، مما جعله أثراً فريداً من نوعه في العالم، حيث يمثل المعبد آخر ما تبقى من العصر الصاوي في مصر، ويقع شمال مدينة الخارجة على بعد كيلومتر واحد فقط. كما شيد هذا المعبد في عهد الملك الفارسي دارا الأول (510-490 ق.م) على أنقاض معبد أقدم يعود إلى عصر الأسرة السادسة والعشرين (664 ق.م)، وربما استند إلى جذور أقدم تعود لعصر الدولة الوسطى (2100 ق.م).
تاريخ معبد هيبس
يكتسب معبد هيبس أهميته من تمثيله مزيجاً من العصور التاريخية المختلفة، بدءاً من الفرعونية والفارسية وصولاً إلى البطلمية والرومانية. كما يعد المعبد المصري الوحيد المتبقي من العصر الصاوي-الفارسي، وقد شيد لعبادة الثالوث المقدس آمون وموت وخونسو.
أقيم المعبد من الحجر الرملي على بقعة مرتفعة نسبياً، ليعلو على كافة المباني والمساكن المحيطة به في المدينة القديمة، مشيراً إلى مكانته كمركز عبادة وموقع مقدس. ومن أبرز معالمه، احتواؤه على أول دستور تشريعي يعرف باسم “قانون الـ66″، المكتوب باللغة اللاتينية القديمة في العصر الروماني (69 م) أثناء حكم الإمبراطور جالبا. نقش القانون على الكتف الشمالي للبوابة الرومانية بالمعبد، متضمناً قوانين تنظم شؤون الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، بالإضافة إلى لوائح خاصة بالتوريث، التجنيد، والضرائب.
عندما تضرر الأهالي والفلاحون من سوء معاملة الجنود الرومان، أصدر الحاكم في مصر مرسوماً لإصلاح الأمور، حيث أرسل نص القانون إلى حاكم الواحات يوليوس ديميتريوس ليوثق على واجهة المعبد، ليصبح شاهداً على العدالة الاجتماعية في ذلك العصر.
ترميم المعبد
كما استغرقت عملية ترميم المعبد وإنقاذه من التحلل والانهيار 15 عاماً، بقيادة الدكتور زاهي حواس، الذي قاد فريقاً من كبار علماء الآثار المصريين، بمشاركة المهندس إبراهيم محلب، الذي كان رئيساً لمجلس إدارة شركة المقاولين العرب آنذاك.
وفي هذا الصدد قال محمد فوزي أستاذ التاريخ بجامعة مطروح، أن معبد هيبس يتبع تخطيط النمط الكلاسيكي لمعابد الدولة الحديثة، حيث يضم البوابة، طريق الكباش، الفناء المكشوف، صالتين للأعمدة، ردهة قدس الأقداس، وقدس الأقداس نفسه. ويتميز المعبد بمناظره النادرة التي لا توجد في أي معبد مصري آخر، فضلاً عن احتوائه على تماثيل ونقوش تمثل مجموعة متنوعة من المعبودات، أبرزها ثالوث طيبة المقدس، ثالوث منف، تاسوع هليوبوليس، وثامون الأشمونين. كما تشمل النقوش تصويراً للمعبودة السورية “عشتارت”، التي ارتبطت بالمعتقدات المصرية في فترة من الفترات.
كما توجد نقوش لنحو 550 إلى 600 معبود في قدس الأقداس، في محاولة من الملك الذي أمر ببناء المعبد للتقرب من أهالي الواحة وكهنة المعبد، حيث جسدت هذه الآلهة على جدرانه لتبقى شاهدة على عبقرية تصميمه وأهمية رسالته.