قصر الخلد في طرابلس: شاهد على تاريخ ليبيا الملكي

أسماء صبحي
يعد قصر الخلد من أبرز المعالم التاريخية في العاصمة الليبية طرابلس. حيث شهد محطات مهمة من تاريخ البلاد، خاصة خلال فترة الحكم الملكي. ويقع القصر في منطقة مميزة مطلة على البحر المتوسط، وقد بني في الأصل كمقر للحاكم الإيطالي خلال الاحتلال الإيطالي لليبيا، قبل أن يصبح القصر الملكي الرسمي بعد استقلال ليبيا عام 1951.
يمثل القصر اليوم جزءًا من التراث المعماري والتاريخي الليبي..إذ يعكس مراحل مختلفة من تطور الدولة الليبية، بدايةً من الاستعمار الإيطالي، مرورًا بالحقبة الملكية. وصولًا إلى الأحداث التي شهدها بعد الإطاحة بالملكية عام 1969.
تاريخ قصر الخلد
تم بناء القصر في أربعينيات القرن العشرين، خلال فترة الاحتلال الإيطالي لليبيا. حيث كان مقرًا للحاكم العام الإيطالي إيتالو بالبو، الذي كان مسؤولًا عن إدارة شؤون ليبيا المستعمرة. وبعد خروج القوات الإيطالية من ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، استخدمه الحاكم العسكري البريطاني مقرًا له حتى استقلال البلاد.
وفي عام 1951، مع إعلان استقلال ليبيا تحت حكم الملك إدريس السنوسي. تم اعتماد القصر مقرًا رسميًا للعائلة المالكة والحكومة الليبية. وكان القصر يستخدم لعقد الاجتماعات المهمة واستقبال الوفود الأجنبية. كما شهد العديد من الاحتفالات الوطنية والمراسم الرسمية.
ويتميز القصر بطراز معماري يجمع بين العناصر الإيطالية والإسلامية. حيث يحتوي على قاعات واسعة مزخرفة بنقوش وزخارف مستوحاة من الفن الإسلامي، إلى جانب الحدائق الجميلة التي تحيط به. كما يضم القصر عدة أجنحة فخمة، كان كل منها مخصصًا لغرض معين، مثل قاعات الاجتماعات، وصالات الاستقبال، والأجنحة السكنية الخاصة بالملك وأسرته.
أحداث بارزة في القصر
كان قصر الخلد شاهدًا على العديد من الأحداث التاريخية، من أبرزها:
- إعلان استقلال ليبيا عام 1951، حيث ألقيت فيه أولى خطب الملك إدريس بعد إعلان الدولة الليبية الموحدة.
- زيارات رسمية لرؤساء وملوك الدول العربية والأجنبية، حيث كان القصر بمثابة مقر دبلوماسي مهم خلال فترة الخمسينيات والستينيات.
- الإطاحة بالملكية عام 1969، عندما قامت مجموعة من الضباط الليبيين بقيادة معمر القذافي بالاستيلاء على السلطة في انقلاب عسكري. مما أدى إلى تحويل القصر إلى مقر حكومي لفترة قصيرة قبل أن يتم إغلاقه لفترة طويلة.
- القصف الأمريكي عام 1986، حيث تعرض القصر لبعض الأضرار خلال الغارات الجوية التي استهدفت مواقع في طرابلس وبنغازي.
وبعد سنوات من الإهمال، بدأت محاولات لإعادة تأهيل القصر وتحويله إلى متحف ووجهة ثقافية تعكس تاريخ ليبيا. كما يضم المتحف اليوم معروضات أثرية ووثائق تاريخية تسلط الضوء على تاريخ القصر والدولة الليبية خلال القرن العشرين.
ويقول الدكتور محمد علي، أستاذ التاريخ الليبي، إن قصر الخلد ليس مجرد مبنى تاريخي، بل هو شاهد على حقبة مهمة من تاريخ ليبيا. كما كان مركزًا للسلطة الملكية في البلاد، وتحويله إلى متحف يعكس الرغبة في الحفاظ على التراث ونقله للأجيال القادمة. خاصة في ظل التحولات السياسية التي شهدتها البلاد.