قبائل و عائلات

قصة قبيلتي الخروف الأبيض والأسود وعلاقتهم بالسيطرة على مركز الخلافة العباسية في بغداد

قد لا يكون الملايين من القراء العرب على دراية كاملة بما جرى من تاريخ قبيلتي “الخروف الأبيض” و”الخروف الأسود” (قره قوينلو وآق قوينلو). وهما قبيلتان من آسيا الوسطى كان لهما دور كبير في السيطرة على مركز الخلافة العباسية في بغداد. خصوصًا بعد ضعف السلطة المركزية وتوالي الخلفاء الضعفاء في فترة انهيار الدولة العباسية. هذه القبائل، التي سادت وفرضت هيمنتها على الخلافة. كما كان لها الدور الأكبر في سقوط بغداد بسهولة بيد المغول بقيادة هولاكو خان، الذي قضى على وجود الخلافة العباسية وأدى إلى انهيارها.

قصة قبيلتي الخروف الأبيض والأسود

وفي هذا الصدد قال الباحث الأكاديمي أ.د. محمد الدعمي، أن هذه الحقبة المظلمة في التاريخ العباسي تقدم لنا اليوم درسًا مهمًا، خاصةً في ظل الوضع الراهن في الشرق الأوسط. هناك علاقة وطيدة بين قوة الدولة المركزية من جهة، وقوة الميليشيات المسلحة غير الرسمية من جهة أخرى. ففي حالة ضعف الدولة المركزية واندثار دورها، تنمو وتنتعش الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، وتصبح تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة. كما نرى في بعض دول الشرق الأوسط اليوم. فبمجرد أن تضعف السلطة المركزية وتتنازل عن دورها، تبدأ الجماعات المسلحة في فرض إرادتها على الأرض.

لقد وصلت سيطرة قبيلتي “الخروف الأبيض” و”الخروف الأسود” على الخلافة العباسية إلى حد تنصيب الخلفاء وعزلهم كما لو كانوا مجرد دمى، يحكمون بالاسم فقط، بل وصل الأمر إلى الحد الذي أصبح فيه الخليفة العباسي مجرد رمز فارغ من القوة. لا يملك القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة أو الحفاظ على سيادة الدولة. كان الوضع يصل إلى درجة من الانتهاك لشروط الخليفة الذي يفقد أحد أهم مقومات سلطته: القدرة على إدارة دولة عظيمة تمتد من حدود الصين شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا.

احتلال بغداد

تجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين الدولة المركزية والجماعات المسلحة غير المنضبطة. كانت قد بدأت تضعف في العصر العباسي وتكرر نفسها في العالم المعاصر. فعندما تبدأ هذه الجماعات في رفض سيطرة الدولة المركزية والتنافس معها على السلطة بحجج واهية مثل ضعف الحكومة المركزية وضرورة توليها مكانها. كما تبدأ الدولة في التآكل تدريجيًا، مما يهدد وحدتها وأمنها. هذا بالضبط ما يحدث في بعض الدول في المنطقة اليوم.

وإذا كانت الدولة العباسية قد انهارت وسمحت للمغول باحتلال بغداد دون مقاومة تذكر في عام 1258م. فإن ذلك يجب أن يكون بمثابة ناقوس خطر يقرعه كل من يهمه أمر دول المنطقة اليوم. فهناك تزايد في هيمنة الميليشيات المسلحة التي ترفض السيطرة المركزية، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدة الدول وأمنها. وإذا لم يتدخل الوطنيون الأحرار ويعملوا على حماية الدولة والحفاظ على قوتها، فإن الانقلاب الأمني سيؤدي في النهاية إلى تهديد وجود الدولة نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى