قرية واد: جنة نائية بين الجبال في عمان
السياحة هي العلاج المثالي للنفس، وطريق لاكتشاف الراحة والسكينة بعيدًا عن صخب الحياة اليومية. وإذا أردنا حقًا الراحة لقلوبنا، فإن أفضل خيار هو زيارة قرية واد الجميلة في سلطنة عمان. هذه القرية الساحرة. التي تقع بين جبال ولاية صور، تبعد حوالي 50 كيلو مترًا عن المدينة. تحيط بها الجبال من جميع الاتجاهات، باستثناء الشرق، حيث تحدها من تلك الجهة قرية عبات، ومن الشمال توجد قرية سناف وقرية عدة.
قرية واد: تاريخ وثقافة عميقة
كما يعيش في قرية واد سكان من قبيلة بني داود بالإضافة إلى قبائل أخرى. ويمتهن أهلها العديد من الحرف التقليدية التي تعكس تاريخهم الغني. من بينها الزراعة وتربية الأغنام. وكذلك صناعة النسيج والتجارة. كانت القرية تشتهر أيضًا بصناعة الصاروج العماني الجص. الذي يتم صناعته من جذوع النخيل والطين في أماكن محلية تسمى “المهبة”. كما اشتهر أهل القرية بإعداد المعمول البدل والبار، وهما نوعان من الحلويات التقليدية المصنوعة من الأشخر وبعض الأدوات المحلية.
من أبرز ما تتميز به القرية هو تاريخها في الشعر والفنون التقليدية. فقد أنجبت القرية العديد من الشعراء البارزين مثل الشاعر حمد بن سليم الداودي، الذي كان أيضًا مدرسًا للقرآن الكريم وطبيبًا شعبيًا. والشاعر راشد بن عامر الداودي، والشاعر سالم بن ثني الداودي. كما تستمر الفنون في الظهور في مناسبات الأعياد والأعراس حيث يقام فن الرزحة والشرح، ويستمر الاحتفال بالزواج من يوم الاثنين حتى يوم الجمعة، حيث يتم خلال هذه الأيام عرض فنون الشرح والمقايظ وتجهيزات العروس.
عادات وتقاليد الأعياد
تتميز القرية بعادات مميزة في الأعياد، حيث يخرج الأهالي لصلاة العيدين من منازلهم مرددين التكبيرات حتى المصلى. ثم يعودون إلى قلاع البلدة مرددين العازي، ليحتفلوا معًا بأداء فن الرزحة. في عيد الفطر، يتم تنظيم وجبات غداء جماعية مع تناول “العرسية” ويتم تقسيم هذه الوجبات على عدة منازل طوال أيام العيد.
كما تتميز قرية واد أيضًا بنظام ري تقليدي باستخدام “الفلج”، حيث توجد بها فلجان، أحدهما يسمى الفلج الكبير والآخر الفلج الصغير، الذي يشق المياه لري المزروعات. تتم عملية الري بناءً على النجوم في الليل باستخدام 25 نجمًا معروفًا محليًا مثل “الشابك” و”الظلمي” وغيرها. كما تستخدم ظاهرة الشمس أثناء النهار في تحديد مواعيد الري من خلال عمود يسمى “النمر”. هذه الطريقة القديمة في الري تشكل جزءًا من هوية القرية الزراعية المستمرة.
آثار تاريخية تشهد على الماضي العريق
وفي هذا الصدد قال حمد بن صالح العلوي، أن من أبرز المعالم التاريخية في قرية واد قلعتها المشهورة، التي تقع في وسط القرية وقد تم ترميمها مؤخرًا بفضل دعم الحكومة الرشيدة. يحيط بالقرية سور قديم، لم يتبقَ منه سوى أجزاء قليلة. كما يبرز في القرية حصن قديم كان يسكنه شيخ القبيلة، ويقع على تلة تطل على المنطقة. إضافة إلى ذلك، هناك مسجد أثري قديم تم ترميمه وتحويله إلى جامع في عام 2010، وتم افتتاحه رسميًا في 24 يناير 2014 تحت رعاية الشيخ إبراهيم بن ناصر الصوافي.
كما تشتهر قرية واد بزراعة نخيل المدلوكي والبونارنجه والبرني، إضافة إلى زراعة المانجو والرمان والليمون. كما تزدهر الزراعة الموسمية في القرية حيث يزرع الشعير والنباتات الطبية مثل الزعتر. أما الحياة البرية، فتزخر القرية بالطيور المهاجرة، مثل طير اللباد والجادع، بالإضافة إلى بعض الطيور الأخرى التي تعيش في المنطقة.
القلعة والكهوف والمجتمع المتماسك
تمثل القرية وحدة اجتماعية متماسكة حيث يتم لقاء الأهالي في المناسبات الاجتماعية، وقد اعتادوا على التجمع أمام قلعة واد لتبادل الأحاديث وتناول الطعام معًا. كما تضم القرية عددًا من الكهوف مثل “كهف الجينز”، الذي يستخدمه الأهالي كمأوى أثناء الأمطار.