حفصة بنت عمر: زوجة الرسول وحافظة القرآن
بعض الجهلة يزعمون أن الإسلام لا يشجع على تعليم المرأة، ويفضل أن تبقى بعيدة عن العلم. لكن هذا افتراء صريح على الإسلام؛ فهو الدين الذي دعا الإنسان إلى العلم والمعرفة بلا استثناء بين الرجل والمرأة، إيمانًا بأن العلم هو السبيل لمعرفة الله والإيمان به، وهو ما يظهر في قوله تعالى: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”.
وقد كان للنساء في الصدر الأول من الإسلام شغف كبير بتعلم أمور دينهن، حتى توافدن إلى مجلس الرسول، صلى الله عليه وسلم، لطرح الأسئلة وتلقي الإجابات. ومن بين النساء اللاتي تعلمن ودرسن في هذا العهد حفصة بنت عمر بن الخطاب.
حفصة بنت عمر
ولدت حفصة في مكة قبل البعثة بخمس سنوات، وتزوجت من خنيس بن حذافة السهمي، وكانت من أوائل من آمنوا بدعوة الرسول وهاجروا إلى المدينة. وبعد وفاة زوجها، عرض عمر بن الخطاب زواجها على أبي بكر وعثمان، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوجها، ما أكسبها مكانة رفيعة كإحدى أمهات المؤمنين.
حفصة وعلمها ودورها في حفظ القرآن الكريم
كانت حفصة مشهورة بالعلم والفصاحة، وقد تعلمت الكتابة على يد الشفاء بنت عبدالله، وهو أمر نادر بين نساء عصرها. وكان لها شرف حفظ الرقاع التي كُتب عليها القرآن في حجرتها، وقد أوصى والدها عمر بن الخطاب أن تُحفظ النسخة الوحيدة من القرآن الكريم لديها. وعندما تولى عثمان بن عفان الخلافة، اعتمد على هذه النسخة لضبط القرآن وجمعه في مصحف واحد، مستندًا إلى النسخة التي كانت عند حفصة لضمان سلامة النص من أي تحريف.
دورها كراوية للأحاديث وحافظة للسنة
روت حفصة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث بلغت 28 حديثًا في الكتب الستة، من بينها أحاديث اختصت بنقلها، كأحاديث عن علامات الساعة وبعض الأحكام.
توفيت حفصة رضي الله عنها في خلافة معاوية بن أبي سفيان، بعد أن تركت إرثًا من العلم والحكمة، وكانت مثالًا للمرأة المسلمة التي ساهمت بوعيها في حفظ الدين ونقل السنة النبوية الشريفة، ودفنت بالبقيع بجوار أمهات المؤمنين.