كتابنا

علاء عبد الله يكتب…

خط أحمر

 

“كل الخيارات مفتوحة، ولن تمس نقطة مياه واحدة”.. كلمات أعاد الرئيس السيسي التأكيد عليها في عدة مرات في سياق التعامل المصري مع معطيات التعنت الإثيوبي في ملف سد النهضة وإشكالية ملء السد ، وكلها رسائل لا تهذي بها القاهرة أو تمزح، لكنها تعي جيدًا ما تقول، لا أحد يمكنه أن يفرض على مصر قرارها أو أن يضعها أمام الأمر الواقع، والأحداث والتاريخ حاضر لكل ذي بصيرة، لأن ما حاول أحد كسر مصر إلا وكان مصيره الهلاك.

 

من قوتها وتاريخها وذاتها استمدت مصر مكانتها وسط المنطقة وفي العالم، الذي عرف الغافلون قدرها في حادث جنوح السفينة يوم أن اختنق العالم وخشي الجوع بعدما توقف أهم شريان ملاحي في العالم وهو قناة السويس، التفت العالم من جديد إلى أهمية مصر وموقعها وتأثيرها، وأن لديها من مفاتيح القوة والتأثير ما يجعلها تمسك برقاب العالم.

 

رغم التعنت الإثيوبي في قضية سد النهضة، إلا أن تعامل القيادة السياسية مع الأمر بهدوء ، جعل موقف مصر قويًا ومسيطرًا وأنه لا أحد يستطيع أن يمس حصتنا في المياه، وقد وصلت الرسالة المصرية لأديس أبابا وهم يعلمون أن في مصر رئيسًا لا يتهاون في الحقوق ويفعل ما يقول.

 

خلاصة القول، إن مصر خلال العام الماضي قد تحركت بفاعلية ونشاط في إقليمي حوض النيل والبحر الأحمر على المستويين السياسي والعسكري، حيث أقدمت على خطوات للتعاون العسكري مع دول الطوق الإثيوبي، ومنها أوغندا أخيراً، طبقاً لما أعلنته القوات المسلحة الأوغندية، وهي الخطوة التي ستنعكس على جنوب السودان في تقديرنا في مراحل مقبلة، في ضوء تحفظاتها النسبية، راهنا على القيام بانحيازات واضحة بين أطراف أزمة سد النهضة، على الرغم من الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى هناك، وطبيعة الدعم التنموي الذي تقدمه القاهرة لجوبا في هذه المرحلة، كما طورت مصر علاقاتها بالكونغو، وهي الدولة التي تملك علاقات إيجابية بمصر، تم التدليل عليها بعدم التوقيع على اتفاقية عنتيبي، التي رفضتها كل من مصر والسودان.

 

وفي إطار هذه السياسات تحركت القاهرة على كل المستويات وألقت بكل ثقلها السياسي لحشد العالم أمام الموقف المصري، أيضاً قامت قيادات مصرية بارزة بزيارات لكل من جيبوتي وأرض الصومال، في محاولة للضغط على الرئيس الصومالي عبدالله فرماجو الذي يتحالف مع أديس أبابا من ناحية، وتحجيم النفوذ التركي ودخول ملعبه الصومالي من ناحية أخرى.

 

أما على المستوى الإريتري، فقد حدث أن أعادت القاهرة الدفء مع العاصمة الإريترية أسمرة، واستغلت التباعد الإثيوبي الإريتري الأخير إثر محاولة آبي أحمد تحميل القوات الإريترية مسؤولية ممارسة الانتهاكات الإنسانية في الحرب الدائرة، وهو ما ساهم في التباعد بين أديس أبابا وأسمرة خلال الفترة المقبلة، ويصب في تقديرنا في صالح علاقات أفضل بين القاهرة وأسمرة مجدداً، بما يعظم من الأوراق المصرية ضد إثيوبيا.

 

ستبقى مصر سيدة المنطقة، لا أحد يستطيع تغيير قدره ومكانته، لأنه يستمدها من عوامل كثيرة كلها تمتلكها مصر فقط، نابعة من تاريخها العريق وحضارتها الراقية، سيبقى النيل يمر إلى يوم القيامة ولن يتمكن أحد كان من كان أن يغير ما خلقه الله، ما دامت إرادة الله وما دامت مصر قوية ومحفوظة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى