توقعات الخبراء حول سعر الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة القادمة
أسماء صبحي
في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية، توقع عدد من الخبراء الاقتصاديين أن يشهد سعر الجنيه تحسناً أمام الدولار خلال الفترة المقبلة. مدعوماً بزيادة الموارد الدولارية المتأتية من عدة عوامل، أبرزها ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج، نمو إيرادات السياحة، وزيادة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أن التحديات المرتبطة بالاستهلاك الكبير للعملة الأجنبية. مثل استيراد السلع الأساسية والغاز الطبيعي، وسداد التزامات الديون الخارجية، تظل قائمة. وهذه العوامل قد تحد من سرعة تحسن سعر الصرف المتوقع.
ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج
أعلن البنك المركزي المصري عن زيادة كبيرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر يوليو 2024، حيث سجلت التحويلات ارتفاعاً بنسبة 86.8% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، لتصل إلى 3 مليارات دولار مقارنة بـ1.6 مليار دولار في يوليو 2023.
ويعد هذا الرقم غير مسبوق، مما يعكس الثقة المتزايدة في استقرار سوق الصرف بعد قرارات حكومية أدت إلى تحسين وضع الجنيه أمام الدولار. وعلى مدار الأشهر السبعة الأولى من 2024، ارتفعت تحويلات العاملين بنسبة 32.4%، مما يشير إلى دورها المحوري في دعم الاقتصاد المصري.
كما حققت مصر أداءً ممتازاً في قطاع السياحة خلال النصف الأول من عام 2024، حيث استقبلت البلاد نحو 7.069 مليون سائح، مما أسهم في تعزيز الإيرادات السياحية التي وصلت إلى 6.6 مليار دولار. وهذا الارتفاع في أعداد السائحين وعدد الليالي السياحية ساهم بشكل كبير في دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي، وبالتالي تحسن سعر الصرف.
سعر الجنيه أمام الدولار
يرى الخبير الاقتصادي محمد أنيس، أن السعر التوازني للدولار أمام الجنيه يتراوح بين 46 و50 جنيهاً خلال الربع الأخير من 2024. مع توقع أن يصل السعر إلى 48 جنيهاً في يناير 2025.
وأوضح أن ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، بالإضافة إلى استقرار سوق الصرف، يسهمان في تعزيز الثقة في الجنيه المصري. كما أشار إلى أن قرار البنك المركزي في مارس بتحديد سعر الجنيه وفقاً لآليات العرض والطلب ورفع أسعار الفائدة أسهم في تراجع قيمة الجنيه. لكن الإجراءات اللاحقة نجحت في تحسين وضعه بشكل تدريجي.
تحديات استقرار سعر الصرف
رغم التحسن النسبي، يظل الاستهلاك الكبير للعملة الأجنبية أحد أبرز التحديات التي قد تعرقل التحسن المستدام في سعر الجنيه. وبحسب مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة “عربية أون لاين”، فإن زيادة استيراد الغاز الطبيعي المسال، وتراجع إيرادات قناة السويس، تشكل عوامل ضغط على العملة. كما أن التوترات الجيوسياسية تؤدي إلى تقلبات في استثمارات “الأموال الساخنة”، التي تخرج من السوق بسرعة عند أي اضطرابات، مما يؤثر بدوره على استقرار سعر الصرف.
واستجابة لهذه التحديات، أعلنت وزارة البترول عن تعاقدات إضافية لاستيراد الغاز المسال بهدف تأمين احتياجات السوق المحلي، وضمان استقرار إمدادات الكهرباء. كما وضعت الحكومة خططاً استثمارية لتحفيز الاقتصاد، مثل مشروع تطوير منطقة “رأس بناس” على البحر الأحمر، وهو ما يعزز من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد.
مستقبل الجنيه
ورغم الجهود الكبيرة من قبل الحكومة والبنك المركزي لتحسين الموارد الدولارية، فإن التحديات الاقتصادية المتنوعة، مثل سداد الديون الخارجية واستيراد السلع الأساسية، تظل قائمة وتؤثر على سعر الصرف.
وترى نعمة الله شكري، رئيسة قطاع البحوث في بنك الاستثمار “إتش سي”، أن التحسن في سعر الجنيه قد يكون محدوداً في المستقبل القريب. وذلك بسبب تزايد المدفوعات الدولارية، إلى جانب سداد التزامات الدين الخارجي.
وفي ظل هذه المعطيات، يتوقع الخبراء أن يشهد سعر الدولار أمام الجنيه تقلبات مستمرة، لكن مع وجود اتجاه عام نحو التحسن في ظل زيادة الموارد الدولارية وارتفاع الاحتياطي الأجنبي. ومع استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية، قد يكون هناك فرصة أكبر لتحسن الجنيه بشكل ملحوظ خلال العام القادم.