د. محمد رجب فضل الله يكتب…
تأهيل الشباب لأسواق العمل «رؤية تربوية »
سوق العمل: مجتمع تتواجد فيه جميع أطراف التوظيف من أصحاب الشركات، ومكاتب العمل والتوظيف، والأشخاص الباحثين عن وظائف سواء من لديهم خبرات سابقة أو مبتدئين.
وسوق العمل يقوم على العرض والطلب: العرض من أصحاب العمل، والطلب من الراغبين في العمل. وفي السوق : يعرض أصحاب الشركات أو المؤسسات توظيف عدد من التخصصات المحددة ذات مهارات جيدة. ويتقدم من يتوافر عنده هذه التخصصات والمهارات المطلوبة للالتحاق بهذه الوظائف.
والواقع الآن: أن سوق العمل أصبح لا يعتمد على شهادة الخريج فقط ، ولكنه يقبل الخريج الجاهز ذا المهارات والخبرات التي تعطيه أولوية الالتحاق في سوق العمل في أسرع وقت.
إن الشاب – سواء أكان خريجاً بمستوى الدبلوم المتوسط أو فوق المتوسط ، أو كان خريجاً جامعياً – يحتاج – الآن- أكثر من أي وقت مضى – إلى جانب دراسته – إلى تنمية قدراته ، وتوسيع دائرة خبراته ؛ حتى يكون على قائمة مكاتب التوظيف أو العمل سواء كانت هذه المكاتب في الداخل أو الخارج.
وعلى الشاب الخريج أن يعرف متطلبات السوق جيداً حتى يعرف ما الذي يجب عليه فعله في تنمية قدراته العلمية والعملية.
على البرنامج الدراسي ( ما قبل الجامعي أو الجامعي ) أن يدعم رغبة الطلاب- وهم داخل أروقة المدرسة أو المعهد أو الجامعة- وإقبالهم على معرفة سوق العمل، وتنمية القدرات اللازمة لهم؛ حتى ينالوا الوظيفة التي تناسب طموحاتهم المستقبلية في عالم الوظائف المختلفة .
والأسئلة المهمة التي يمكن طرحها: كيف يكون الاستعداد لسوق العمل؟ ما دور الشاب في الاستعداد لسوق العمل، أو كيف يؤهل الطالب نفسه لسوق العمل؟
اسمح لي : قارئ مجلة ( صوت القبائل العربية ) سواء أكنت من الآباء والأمهات أو من المعلمين والمربين أو من الشباب أنفسهم، أن أوجه مقالي هذا للشاب العربي نفسه ناصحاً إياه بعدد من النصائح ذات البعد التربوي .
عزيزي : أخي الشاب … عزيزتي: أختي الشابة…
حصولك على شهادة ليس كافياً ( الآن ، ومستقبلاً ) في الحصول على وظيفة ، وفرص ترضيك في سوق العمل. لابد أن تسعى بنفسك لتحقيق شروط الأفضلية التي تؤهلك للفور في أي مسابقة للتوظيف تتقدم إليها ، فقط عليك أن تنفذ – بكل اهتمام وتركيز – ما يلي:
احرص على تنمية ذاتك
من المهم أن يكون الشاب على قدر كبير من المعرفة التي تؤهله للعمل في سوق العمل.
الدورات التدريبية خاصة في مجالات استخدام الحاسوب والإنترنت ، والتي تكون في صميم تطبيقات المؤهل العلمي تساعدك في تنمية الذات، وتطور من المهارات العملية والوظيفية للخريجين.
كون لنفسك سيرة ذاتية ثرية
تمكّن الشاب من إعداد السيرة ذاتية يجعل شخصيته واضحة عند المقارنة بينه وبين الآخرين.
إن السيرة الذاتية هي صورة عن الخريج، وعن كل الخبرات التي يمتلكها وكل المؤهلات التي تساعده في الالتحاق بأي وظيفة .
احصل على خبرات سابقة في مجالك المستقبلي: التدريب الميداني
غالبا ما يشترط صاحب العمل أو القائم بعرض الوظائف المتاحة أن يكون لدى المتقدم للوظيفة خبرات تجعله يلتحق بالوظيفة و تعطيه الثقة بالنفس التي تجعله يأخذ القرار الصحيح في العمل.
الخبرة السابقة تكون من أهم النقاط التي يشترطها أصحاب الأعمال مما يوفر عليه الكثير من الوقت والجهد في عملية التدريب على هذا العمل. إنهم يرحبون بالموظف الجاهز الذي يستلم العمل فور التحاقه بدلاً من الموظف الذي سوف يتدرب على هذا العمل لمدة معينة.
اتقن لغة ثانية : الإنجليزية غالباً
تعتبر اللغة الثانية المحور الأساسي في عملية التوظيف في قطاعات معينة مثل السياحة و التكنولوجيا والإنترنت.
فاللغة هي نقطة التواصل بين هذه القطاعات على مستوى العالم؛ لذا يجب أن يعمل الطالب – أثناء دراسته – على تنمية مهاراته اللغوية في لغته الأم ؛ وفي لغة ثانية غالباً ما تكون الإنجليزية.
خطط لتكملة مسيرتك التعليمية : دراسات عليا في مجال التخصص
قد تكون الدراسات العليا لدى بعض أصحاب العمل من أساسيات التوظيف؛ فهناك شركات ناجحة تريد أصحاب الدراسات العليا؛ نظرا لما يتوقع أنهم قد وصلوا له من قدرات تعليمية تجعلهم من الصفوة في كثير من المجالات المهمة مثل الطب أو العلوم.
تابع الجديد في أسواق العمل
متابعة كل ما هو جديد وحديث في عالم الأعمال يجعل الشاب على قدر كبير من معرفة سوق العمل ومتطلباته اليومية وما الذي يجعله في تطور مستمر في المجال الوظيفي والعملي؛ حيث توجد بعض المؤشرات التي تبين أن هناك مجالاً معيناً يتجه إليه الكثير من الأفراد الباحثين عن العمل مثل التسويق الإلكتروني أو الوظائف الخاصة بالتكنولوجيا الحديثة أو التنمية البشرية والقطاعات الأخرى التي تتسم بالعصرية؛ فيجب أن يعرف الشاب كل ما هو جديد في سوق العمل حتى يهيئ نفسه له.
تخيل نفسك دائما صاحب العمل .. حدد ما تريده ممن سيعمل عندك
على الخريج أن يضع نفسه مكان صاحب العمل؛ ويسأل هل يوجد لدى المؤهلات والخبرات اللازمة لكي أعمل بالوظيفة…؟ هل أتحدث الإنجليزية جيداً..؟ هل أنا حسن المظهر والملبس ؟ هل أتحمل العمل تحت أي ضغط ..؟ كل هذه الأسئلة يجب أن يعرفها جيداً قبل أن يقرر إرسال سيرته الذاتية للمكان الذي يريد أن يعمل به.
وإجمالاً : يجب على الشاب أن يجتهد في العمل على تنمية مهاراته، وأن يرفع من كفاءته الوظيفية، وذلك عن طريق الدورات التي تؤهله لذلك .
يحتاج سوق العمل الحالي أن يكون الشاب ذا كفاءة عالية، وعلى المدارس والجامعات أن ترفع شعار الجودة في التعليم ؛ وبهذا تضمن الدولة أجيالاً تكون لديهم القدرة على شغل أي وظائف بدون الحاجة إلى الانتظار لوقت طويل. وفي هذا الإطار يجدر أن تعمل البرامج الدراسية على أن يكون خريجوها قادرين على ما يلي:
– التعامل المتقن مع الحاسوب ؛ وذلك لأن معظم الأعمال – حالياً- تقوم على استخدام التكنولوجيا العصرية، بدلاً من استخدام الورقة والقلم، وبات كل شيء يكتب على الحاسوب وهذا لعدة فوائد.
– اتقان اللغة الإنجليزية . وهذا بسبب كثرة الأعمال والوظائف التي تعتمد على هذه اللغة في عملها مثل كل الأعمال المرتبطة بالإنترنت.
– اكتساب مهارات الحياة. وهي المهارات التي تساعد على التكيف مع الحياة المعاصرة مثل: مهارة إدارة الصراع، والتفاوض ، وإدارة الضغوط ، والاتصال الفعال، واتخاذ القرارات ، وحل المشكلات، والتخطيط ، ووضع الأهداف، والعمل في فريق (التعاوني) ، وإدارة الوقت والذات، والتفكير..
وبعد فإذا كانت القبيلة العربية، وما يتفرع عنها من عائلات وأسرة مسؤولة عن تربية أبنائها، وإعدادهم لمواجهة تحديات الحاضر، ومستجدات المستقبل، فإن الأبناء – أنفسهم – والشباب في مقدمتهم مسؤولون عن إعداد أنفسهم بما يجعل لهم فرصاً أكبر في الحصول على عمل يتناسب وقدراتهم، ويحقق طموحاتهم ، ويضمن لهم حياة كريمة في الحاضر والمستقبل ، وهو ما نتمناه لشبابنا في مجتمعنا المصري، ومجتمعاتنا العربية.
والله الموفق..