مفاجأة.. مياه السيول تكفي لتحويل صحراء مصر الغربية إلى جنة خضراء
مياه الأمطار.. وديعة السماء
محمد بخات
في الوقت الذي يعني سقوط السيول والأمطار الغزيرة فيه كارثة وأذى على قرى وبلاد، يكون عيدا وبهجة وفرحا، سقوطها في بلاد أخرى تتشوق للمطر وتنتظر هطول الغيث، لأنه بمثابة الحياة نفسها.
السيول فى صحراء مصر الغربية تعد نعمة كبيرة ينتظرها القاصى والدانى من أبناء القبائل العربية، فهى بالنسبة لهم ليست سيولًا أو أمطارًا عابرة ولكن هى حياة كاملة، يعيش عليها المجتمع البدوى والقبائل فى الصحراء والقرى والنجوع حياتهم كاملة، وبدونها لا توجد حياة.
الأمطار بالنسبة لنا حياة كاملة.. بهذه الجملة عبّر صالح عبداللطيف عن أهمية الأمطار، مضيفا «الأمطار فى مطروح نعيش عليها فى القرى والنجوع، من خلال تجميعها فى الآبار أو الخزانات، ونشرب منها على مدار العام حتى يأتى العام المقبل بخير السماء»، وتذهب الأسر والعائلات لأقرب بئر لهم يملأون منها الجراكن على ظهر الدواب والسيارات، ويشربون من مياه الأمطار وهى أنقى مياه تشربها في مطروح، كما يطهون الطعام باستخدام هذه المياه في الطبخ داخل المنازل .
ويضيف فتحى إبراهيم المالكى، من مزارعى مطروح، أن الأمطار عندما تنزل تحول الصحراء الجرداء إلى جنة خضراء، لا يعتمد عليها فى الأكل والشرب فقط، ولكن تزرع عليها بعض الزراعات الموسمية التى نخزنها ونأكل منها، وتعتبر مصدر غذاء دائم للقبائل، مثل الشعير، والقمح والتين والزيتون، وبعض الخضروات، مضيفا «هناك من يقوم بحرث الأرض فى بداية شهر أكتوبر من كل عام لينتظر الأمطار، ونزرع الحبوب، وآخرون يزرعون بعد سقوط أول الأمطار فى الموسم، كما أن الأمطار نستفيد منها فى زراعة أشجار الزيتون والتين واللوز التى تشتهر بها مطروح وصحراء مصر الغربية».
وفى ظل مواجهة مصر أزمة سد النهضة، يوجد فى مصر مصادر مياه بديلة ذات أهمية كبيرة تسعى الدولة لتستفيد منها، وتحتاج إلى هذه المياه ذات الكميات الضخمة والتى تصل لملايين الأمتار المكعبة والتى تأتى من السيول والأمطار فى صحراء مصر الغربية لاستغلال أمثل فى الشرب والزراعة والاستخدامات المختلفة كتنمية الثروة الحيوانية والداجنة.
«صوت القبائل» دخلت فى عمق الصحراء الغربية بمحافظة مطروح وكشفت عن أحد أكبر مصادر المياه غير المستغلة والتى تهدر كميات طائلة منه فى ساحل البحر المتوسط وهو «وادى هاشم» والذى تصب فيه شلالات مياه سيول وأمطار في السنوات المطيرة، أشبه بشلالات مصغرة فى إثيوبيا لابد من الاستفادة المثلى منها.
يقول اللافى حمودة، من أهالى سيدى حنيش بـ وادى هاشم « نزرع أشجار تين وزيتون ونزرع البطيخ والشمام والطماطم والفلفل على مساحة 7 أفدنة داخل الوادى بفضل مياه الأمطار».
واستفاض حمودة أن مياه الأمطار تتجمع فى الوادى من مناطق وقرى ونجوع مجاورة لحوالى 50 كيلو مترًا مربعًا حول الوادى ولا توجد أية حواجز تعوق وصول المياه إليه، وتأتيه الأمطار من مناطق كـ شوك عميرة وأطنوح والكراميس وحبلى وبوشحيمة والحوالة وأبوجروف والشريز وتنزل المياه فيه ومنها إلى السكة الحديد ثم إلى ساحل البحر مباشرة، و 50 % من كمية مياه الأمطار تضيع، حيث تستنزف حوالى 5 ملايين متر مكعب من مياه الأمطار سنويًا من الوديان فى الصحراء الغربية، وتستمر مياه الأمطار لمدة أسبوع في كل مرة ولا يستطيع أحد أن يستغل هذه المياه.
ويكمل «حمودة»، أن مياه الوادى تمر على 8 آبار صغيرة المساحة، أقامها البنك الدولى منذ سنوات، ولكن مساحة تلك الآبار لا تتجاوز 250 مترًا مكعبًا فقط، «لا نستفيد منها إلا فى الشرب فقط لبعض الأسر على مدار العام ولكن نتمنى الاستفادة من هذه الكميات الكبيرة من المياه فى الزراعة».
ويكمل عبدالقادر سنوسى من أهالى منطقة سيدى حنيش، أن وادى هاشم ومصب مياه الأمطار تبعد عن ساحل البحر 6 كيلو مترات طولًا وتحيط بمنطقة الوادى أفضل أراضٍ صالحة للزراعة.
واستطرد سنوسي «نريد أن نستفيد من الكميات الضخمة من مياه الأمطار فى الزراعة، حيث إن هذا الوادى إذا تم إنشاء 3 خزانات تجميع لمياه الأمطار به فتبلغ مساحة الخزان الواحد ما بين 5 إلى 6 آلاف متر مكعب كى تستوعب جزءًا من هذه المياه المهدرة، ونستطيع من خلاله زراعة الخضروات لأهالى المنطقة وغيرها، ولابد لوزارة الموارد المائية أن تعاين الوادى وترى كميات مياه الأمطار التى تهطل لإنشاء خزانات مياه يستفيد منها الأهالى وتكون مخزونًا استراتيجيًا للدولة بدلاً من إهدارها فى البحر سنويًا ولا يستفيد منها أحد فى الشرب أو الزراعة أو تربية الثروة الحيوانية كأغنام البرقى التى تشتهر بها مطروح والماعز والإبل الصحراوى».
وينوه سنوسي بأن هناك وديانًا أخرى يوجد بها مياه أمطار أيضا غير مستغلة وتعتبر مصبات لمياه الأمطار، وهى تكفى لسكان الصحراء ليعيشوا حياة كريمة، منها 6 وديان فى المنطقة الواقعة من الكيلو 37 وحتى الكيلو 50 شرق مدينة مرسى مطروح، أولها وادى الزيات بمنطقة الحوالة بالكيلو 40 شرق مدينة مرسى مطروح، ووادى العراوة، ووادى كريم ووادى السلوفة والأربعة الأخيرة بمنطقة سيدى حنيش.