أم أيمن: أم الحبيب وصانعة التاريخ
أم أيمن، بركة بنت ثعلبة، واحدة من أبرز النساء في تاريخ الإسلام، كانت أكثر من مجرد خادمة أو حاضنة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بل كانت أماً حانية وصديقة مخلصة. النبي صلى الله عليه وسلم كان يناديها بلقب “يا أمَّه” ويقول عنها: “أم أيمن أمي، بعد أمي” تعبيراً عن حبها الكبير له ورعايتها منذ صغره.
دور أم أيمن في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
أم أيمن كانت جزءًا لا يتجزأ من حياة النبي صلى الله عليه وسلم منذ ولادته. بعد وفاة والدته، آمنة بنت وهب، تولت أم أيمن رعايته وحمايته بحنان الأم، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزورها بانتظام ويقول: “هذه بقية أهل بيتي”.
أحد المواقف البارزة هو عندما زارها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بصحبة أنس بن مالك، وقدمت له شرابًا. عندها بدأت توبخه وتصرخ عليه كما تفعل الأم الحنونة، مؤكدةً مكانتها الخاصة في قلبه.
هجرتها وتجاربها مع العناية الإلهية
عندما هاجرت أم أيمن إلى المدينة مشيًا على الأقدام، تعرضت لعطش شديد، وكانت صائمة. فجأةً، أرسل الله لها إناء من السماء مملوء بالماء، شربت منه ولم تشعر بالعطش بعدها أبدًا. هذه الحادثة العجيبة كانت إحدى تجاربها الروحية العميقة التي عكست عناية الله بها.
حزنها بعد وفاة النبي
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، زارها أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب فوجدها تبكي. عندما سألوها عن سبب بكائها، أجابت بأن الوحي قد انقطع، مما أثار فيهم الحزن والبكاء.
حياتها بعد النبي وتكريمها
أم أيمن كانت تعرف بالحبشية، وقد أعتقها عبد الله بن عبد المطلب. بعد وفاة النبي، تزوجت زيد بن حارثة الذي أنجبت منه أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم. شاركت في معارك الإسلام، مثل غزوة أحد وحنين، حيث كانت تسقي الجرحى وتداويهم.
نهايتها المباركة
عاشت أم أيمن حتى أواخر خلافة عثمان بن عفان، وتوفيت بالمدينة بعد حياة حافلة بالعطاء والتضحيات. تجاوزت التسعين من عمرها، ودفنت في المدينة المنورة، تاركةً خلفها إرثًا خالدًا من الحب والإخلاص للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمته.
أم أيمن في كتب التاريخ
ذكرت أم أيمن في العديد من الكتب التاريخية مثل “أسد الغابة في معرفة الصحابة” و”سير أعلام النبلاء”، حيث تم توثيق حياتها ومواقفها العظيمة ودورها البارز في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والمجتمع الإسلامي.
كانت أم أيمن، بركة بنت ثعلبة، مثالاً رائعًا للمرأة المسلمة القوية، التي جمعت بين الحنان والحزم، والتضحية والوفاء. تعكس قصتها قيمة الأمومة الحقيقية والدور الهام الذي يمكن أن تلعبه النساء في بناء المجتمع ونشر قيم الحب والعدل.