المزيد

أحمد رفعت يوسف يكتب:أبعد من قرار مجلس الأمن..أبعد من فلسطين المحتلة

مَن يعتقد ان قرار مجلس الأمن الدولي، حول الصراع في فل.سط.ين المحتلة، سينهي القتال، هو واهم جدا، حتى لو وافقت كل الأطراف عليه، لأن الوقف الكامل للقتال، سيعني الإقرار بهزيمة الكيا.ن الص.هيو.ني، ودخوله مرحلة من التيه السياسي والعسكري، يقابله وقوف الفل.سطي.نيين، حتى على أنقاض وأطلال بيوتهم، وهم يرفعون الأعلام وشارات النصر، وبالتأكيد ليس هذا ما تريده الإدارة الأمريكية، من القرار، ولا تستطيع حكومة نتنياهو أو غيرها تحمله.
ولان لهذه المعركة الكبرى، تداعيات وأبعاد جيوسياسية إقليمية ودولية، ابعد بكثير من الساحة الفل.سط.ين، لأنها ستحدد مصير منطقة غرب اسيا بأكملها، وهي التي عرفت على مدى التاريخ، بأنها المنطقة، التي تحدد مسار صعود وانهيار الإمبراطوريات، والدول العظمى، هذا يجعل من الصعب، الإحاطة بكل تفاصيل ما يجري في مقال واحد، ولذلك سأخصص الجزء الأول، لقراءة النتائج المباشرة والمتوقعة، لقرار مجلس الأمن الدولي، والجزء الثاني، لتداعيات هذا الصراع الإقليمية والدولية، والتي ستشكل زلزالا سيغير بشكل دراماتيكي، من الخريطة الجيوسياسية للمنطقة والعالم.
قد يكون الهدف الأمريكي الأول، من قرار مجلس الأمن، هو الخروج من المآزق، الذي وصلت إليه الأوضاع في فل.سط.ين المحتلة وخارجها، والتي وضعت الكيا.ن الص.هيو.ني، أمام خطر وجودي حقيقي، وباتت تهدد موقف ومكانة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي ستحاول تهدئة الأمور، حتى إنجاز الانتخابات الأمريكية، والالتفات خلال هذه الفترة، لمعالجة الاستعصاءات الفل.سط.ينية والإسرائيلية.
ففي الجانب الفل.سط.يني، قد يكون الهدف الأمريكي من القرار، الضغط على المقا.و.مة الفل.سط.ينية، للموافقة على قرار مجلس الأمن، بانتظار إعطاء فرصة، لالتقاط الأنفاس، والبحث الهادئ، من قبل الإدارة الأمريكية، وحكومة ا.لعد.و الإسرائيلي، وأدواتهما في المنطقة، للبحث في إيجاد طريقة، للتعامل مع المقا.و.مة وقياداتها، وتحديداً الميدانية منها، وقد رأينا، كيف سبق إعلان القرار، ضغوط وتهديدات قطرية مصرية، لقيادة حما.س، بالطرد والملاحقة، إذا لم توافق على القرار، والذي تمت صياغته، بكلمات عامة وفضفاضة، بما يسمح للمقا.و.مة، بالقول إنه يحقق أهدافها، لكن المشكلة، ستكون في تفاصيل القرار، وتفسيرات كلماته، وهي المهمة، التي يبرع فيها الكيا.ن الص.هيو.ني والأمريكيون.
وفي الجانب الإسرائيلي، دفع الأمور باتجاه إسقاط حكومة نتنياهو، وإجراء انتخابات جديدة، تأتي بغانتس (رجل أمريكا) رئيسا للحكومة، وترك نتنياهو، يعارك لتحديد مصيره الشخصي، وهو المهدد بالسجن، وقد يكون الهدف تحميله، مع عدد من القادة السياسيين والعسكريين، مسؤولية طو.فا.ن الأ.قصى، والفشل في تحقيق أهداف العد.وان، وهذا يعطي البراءة لبايدن وإدارته، من مسؤوليته عنه، وخاصة أمام العام الأمريكي والعالمي، ومحاولة ووقف تدهور شعبيته، وما استقالة غانتس قبل قرار مجلس الأمن، إلا تأكيد على هذا التوجه.
نتنياهو الذي يدرك بالتأكيد، كل هذه التوجهات، لن يستسلم، ولن يوافق على القرار بهذه السهولة، لأن موافقته ستعني سقوط حكومته فوراً، وبالتالي قد يعطي موافقة مواربة، وسيحاول بما تبقى له من “حكومة عرجاء” المناورة في تفاصيل القرار، وتفاسير بنوده، وسيحاول خلال هذه الفترة، تحقيق إنجازات نوعية، تتيح له التنصل من القرار، وخلق أجواء جديدة تنقذه، مثل محاولة الوصول إلى المزيد من الأسرى، ومحاولة قتل أو أسر قادة المقا.و.مة.
ومع أن قرار مجلس الأمن، يخص الجبهة الفل.سط.ينية بالدرجة الأولى، وقد يساهم في تحقيق تهدئة مؤقتة، بانتظار التقاط كل الأطراف لأنفاسها، والانتقال إلى المرحلة التالية من المواجهة السياسية والميدانية، لكن المهمة الأكبر والأصعب، على صانع القرار الأمريكي والإسرائيلي وأدواتهم في المنطقة، ستكون في كيفية التعامل مع جبهات الإسناد، وبقية أطراف محور المقا.و.مة، لإن إبقاء الوضع على ما هو عليه، في هذه الجبهات، يشكل مشكلة أمريكية وإسرائيلية ولأدواتهم، لا تقل عن الجبهة الفل.سط.ينية.
ففي الجبهة اللبنانية، سيكون من الصعب على ا.لكيا.ن الإسرائيلي، والإدارة الأمريكية، ترك الأوضاع على ما هي عليه، خاصة بعد الإنجازات الميدانية الهائلة، التي راكمتها المقا.و.مة اللبنانية، وبالتالي سيلي قرار مجلس الأمن، ضغوط هائلة على المقا.و.مة، مقرونة بتهديدات، واستعراض قوة أمريكية وإسرائيلية، لمحاولة فرض وقائع على الأرض، تبعدها عن خط المواجهة مع فل.سط.ين ا.لمح.تلة، ومن غير المستبعد تحريك العملاء في لبنان، وعناصر من التنظيمات الس.ور.ية المس.لحة، المتواجدة في لبنان، لافتعال إشكالات ومعارك جانبية، لإرباك المقا.و.مة، وليس مستبعداً أيضاً، أن يحاول نتنياهو، تسخين جبهة لبنان، بهدف جر الولايات المتحدة الأمريكية، مرغمة إلى المواجهة المباشرة مع المقاومة اللبنانية، مع توهماته، بأن هذا الإجراء، قد يكون منقذاً له، وبالتالي إفشال الجهود الأمريكية لإسقاطه، والانتقام بدلاً عن ذلك، من بايدن، بإسقاطه في الانتخابات الرئاسية، لكن ما يمكن تأكيده، بأن قيادة المقا.و.مة، مدركة لكل هذه الأمور، وتعرف كيف ستواجهها.
وعلى الجبهة السورية، حيث انتهجت القيادة السورية، بالتنسيق مع بقية أطراف محور المقا.و.مة، سياسة تراعي وضعها وتبين مدى صوابيتها، بعدم الانخراط المباشر في القتال، مع الإسرائيليين والأمريكيين، وبقائها جبهة إسناد لوجستي، وعمق استراتيجي سياسي وميداني، لكل أطراف محور المقاومة، بما يمكنها من الاستمرار في المعركة، وتحقيق الأهداف، والتخطيط لما هو آت، وقد تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، الاستمرار في تقديم الإغراءات للقيادة السورية، للبقاء خارج القتال المباشر، ومحاولة إبعادها أكثر، عن محور المقا.و.مة، وقد يكون من حسن حظ القيادة السورية، أنها تمتلك هذه المرة، الأدوات وعامل الوقت للمناورة، لكن حديث الرئيس الأسد الأخير، أمام مؤتمر حزب البعث، الذي قال فيه، بأن القضية الفل.سط.ينية والمقا.و.مة، خطوط حمراء، حدد موقع ومكانة سورية في هذا الصراع، بشكل واضح.
وفي العراق، سيؤدي وقف القتال، إلى فتح الباب أمام المطالبات العراقية، بإخراج المحتل الأمريكي، وهو الشرط الأساسي، الذي وضعته فصائل المقا.و.مة، للحكومة العراقية، والإدارة الأمريكية، لبحثه كشرط لوقف استهدافها القواعد والمواقع الأمريكية، في البلدين، بعد الضربة التي وجهتها، للموقع الأمريكي في الأردن، والرد الأمريكي.
وفي الميدان اليمني، بات من الواضح، بأن مراكمة اليمن (المقا.و.م) لإنجازاته المبهرة، وخاصة في المواجهة البحرية، مع الأمريكيين والبريطانيين، وفي الحصار البحري للكيا.ن الص.هيو.ني، بات يشكل مشكلة حقيقة وعويصة لهم، مضافاً إليها، أنها تفتح بشكل مباشر، مصير عملاء وأدوات أمريكا في المنطقة، وتحديدا النظامين السعودي والإماراتي، لتأتي الضربة اليمنية الاستباقية، بالإعلان عن القبض، على شبكة واسعة من ا.لعملا.ء والجو.ا.سيس، الذين يعملون لصالح المخابرات الأمريكية، والموساد الإسرائيلي، لتشكل ضربة مؤلمة، للإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية، في جهودها لمعالجة الأوضاع، في جبهات الإسناد والمقا.و.مة، خارج فل.سط.ين المحتلة، خاصة وأن مثل هذه الشبكات، يكون لها امتدادات وتداعيات خارجية، لا تقل خطورة عن الداخلية، وهذا يشكل خطر إضافي، تفتحه الجبهة اليمنية.
هذه الوقائع الميدانية والسياسة، تؤكد أن قرار مجلس الأمن الدولي، لن يتمكن من وقف العد.و.ان الص.هيو.ني الأمريكي، على الشعب الفل.سطي.ني، وأقصى ما يمكن أن يقدمه، هو مجرد محاولة لتهدئة الجبهة الفل.سط.ينية، ولكنها ستبقى محكومة بأمد محدود، حدوده القصوى الانتخابات الأمريكية، وهذا سيبقي المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى