صوت القبائل تحاور محمود حسن عبدالتواب أمير القوافى
صوت القبائل تحاور محمود حسن عبدالتواب أمير القوافى
حاوره – حاتم عبدالهادى السيد
يعد الشاعر المصرى / محمود حسن عبدالتواب أحد مجددى الشعر الحديث ؛ وأحد أساطين شعر الفصحى في مصر؛ كما يشغل منصب رئيس مجلس أمناء مؤسسة الكَرْمة للتنمية الثقافية والاجتماعية . كما يعد كتابه ” حطموا جمود الشعر ” ثورة شعرية كبرى، كما أصدر العديد من الدواوين منها : التسبيحُ بالجسد ، سِفر التَّوسُّل ، العباسة ، أبي والقطَطُ ؛ وغيرها .
– عن بداياتك الشعرية، وعن أثر الصعيد في كتاباتك، وأهم الشعراء الذين تأثرت بهم في البداية .
كانت بداياتي الشعرية مبكرة جدا وأنا بعد لم أجاوز الخامسة عشر من عمري . والصعيد مثله مثل أية بيئة ينشأ بها الشاعر ، وحتما يتأثر بها وتظهر جلية في إبداعه ، والصعيد هو جملة المبادىء والقيم والتحديات والجمال المحيط بك من كل جانب ، وأهم ما في الصعيد وجود المرجعية الكبيرة والتي تسمى كبير العائلة ، والذي تذوب على كفيه المشكلات الكبرى وتُحلُّ بكلمة واحدة منه , وأما أهم الشعراء الذين تأثرت بهم في البداية ، فقد كان أمير الشعراء أحمد شوقي بك ، والمتنبى ؛ البحتري ثم أبو تمام ومعظم الشعراء الأمويين والعباسيين ، وكان المتنبي مرحلة فارقة في حياتي وقناعاتي الشعرية ، ثم شعراء ما قبل الإسلام والذين يطلق عليهم البعض التسمية الجائرة ” الشعراء الجاهليون ” ثم تحولت إلى حجازي وعبد الصبور وأمل دنقل والسياب ونزار ودرويش وغيرهم ، وما زلت أتابع المشهد وأفيد منه ، وقد يدهشك هذا الترتيب الذي ذكرتُه لكن هذا ما حدث بالفعل .
– يمثل ديوان العباسة منعطفا فارقا في كتاباتك الشاعرة ، وربما ارتبط اسم محمود حسن بالعباسة ، وتم الإحتفاء به نقديا على المستويين : المصرى والعربى ؛ فما دوافع كتابتك لهذا الديوان، ولم اخترت العباسة لتسقط التاريخ على واقعنا المعاصر ؟
-في الحقيقة فكرة ديوان العبَّاسة كانت تراودني منذ أكثر من ثلاثين سنة ، وكانت تسيطر على عقلي الباطن ، إلى أن جاء العام 2018 م وبدأت أول سطور العباسة تضيء أوراقي ، والعباسة هي الرمز الذي بنيت عليه هذا الديوان ، ولم يكن أبدا الاهتمام بقصة العباسة تاريخيا ومأساتها التي قد يتفق أو يختلف عليها المؤرخون ، ولكنها فقط كانت مفتاح هذا العمل الذي جاء إهداؤه كالتالي: ” إلى الإنسانية ” والغريب أن يحتفي الشعراء والنقاد والكتاب بهذا الديوان منذ كان مخطوطا وقبل أن يطبع بين دفتي كتاب ، حيث تناوله بالنقد والرؤى أكثر من خمسين ناقدا مصريا وعربيا .
– ما تأثير الصالونات والمنتديات الأدبية على الحياة الثقافية في مصر والوطن العربى ، وهل تتعاونون في مؤسسة الكرمة مع المنتديات الصالونات التي انتشرت بكثرة في مصر، وما تقييمك لمثل هذه التجارب ؟
– المنتديات والصالونات الأدبية هي الظهير غير الرسمي للمؤسسة الثقافية المصرية ، ولولاها ما استطاع كثير من المبدعين وخصوصا الشباب أن يصلوا بإنتاجهم إلى هذا المشهد الثقافي المعقد والجائر والمجامل في أحيايين كثيرة.
– بالنسبة لك كناقد ، ماذا عن النقد في مصر والعالم العربى، وماذا عن تجربتك النقدية لتقديم إطار عام لنظرية عربية نقدية جديدة، خاصة وقد أعلنت عن ذلك ، وفى كتابك حطموا جمود الشعر العربى ؟
– لنقد لا شك يمر بأزمة كبيرة ، أحد أبرز أسبابها الأكاديمون ومن يقررون لطلاب الماجستير والدكتوراة مشاريعهم وموضوعات بحوثهم ، فأغلق هؤلاء الدائرة على مجموعة من الشعراء كأن الله لم يخلق غيرهم ، على الرغم من أن تجاربهم الشعرية لا تستحق كل هذا الزخم ، فقد قُتلت رؤى وبحثا ، وكررت الأبحاث نفسها ، وظلمت أجيالا كبيرة بعدها وقد كانت أحق منهم ، كما أن الناقد الذي لا يستطيع كتابة نص مواز ينقصه الكثير ، وأظن أنني أول من أطلق مصطلح ” النقد إبداع مواز ” وخصصنا له مؤتمرا كبيرا في مؤسسة الكرمة ، وحضره وشهد عليه كتاب ونقاد وشعراء كثيرون ، ومن الأهمية بمكان أن تتحق مقولتي التي أرددها دائما ” يا حظه المبدع الذي يكتب عنه ناقد ليس في نفسه منه شيء ” وأيضا ” كلما ازدات ثقافة المبدع وأفقه وعالمه المعرفي والإنساني ازداد تصالحه مع جميع الأشكال الأدبية ” .
• تكتب القصيدتين : العمودية والتفعيلية بإقتدار فماذا عن مستقبل الشعر، وهل هناك جيل جديد يقدم المغاير والمحايث والمدهش ؟
المغاير والمحايث والمدهش موجود على طول خريطة الشعر العربي ، وأنا لا يهمني الشكل ، فالإبداع الحقيقي يستطيع النمو داخل أي شكل من أشكال الكتابة الشعرية ، لكني أرى أفخمها قصيدة العمود ما تمكن كاتبها منها فقدم نصا ينزل الفقه الشعري في أرض الواقع ويلامس الهم الإنساني من دون تقريرية ولا مباشرة مفسدة وبلغة تستطيع الوقوف زمنا طويلا غير مستهلكة ولا معمَّاة ولا مقعرة وتطرق موضوعات جديدة وملحة ، ثم تأتي التفعيلة كرخصة لمن يريد جديدا لا يستوعبه العمود بشرط أن يقدم ما عجز العمود عنه ، ثم تأتي الرخصة الثانية وهي ما يسمى بقصيدة النثر ، وربما تجِدُّ رخص جديدة ، ولكن على الشاعر أن يعي أن تكسير القيود لابد أن تتبعه انطلاقة ملحوظة وكبيرة ، وإلا لا حاجة للشعر بذلك ، وإني أرى أن أهم أشكال الإبداع هو المسرح الشعري الذي يجب أن يعود بقوة ، وهو نوع من الإبداع يحتاج إمكانات خاصة نثق أن كثيرين من الشعراء المعاصرين يملكونها
• كيف ترى مستقبل الإبداع في مصر، وهل تراجع دورمصرالريادى خاصة ونحن نرى تقدما للإمارات وبعض الدول العربية ؟
– دور مصر موجود وقائم ولا يمكن أن يزحزحه أحد ، حتى وإن تراجع دورها اللوجسيتي والمادي بشكل كبير للظروف التي مرت بمصر وأنهكتها وخصوصا أحداث 28 يناير 2010 م إلا أنها تظل بمبدعيها الكبار حجر الزاوية في مسيرة الإبداع العربي .
• ماذا عن دور بيوت الشعر التي ترعاها الإمارات، وهل تثرى الحياة الثقافية أم أنها منابر وكفى ؟
بالتأكيد هي ربما خطوة القرن الحادي والعشرين الثقافية الأهم ، ومبادرة سمو الشيخ محمد بن سلطان القاسمي كبيرة وجبارة وسوف يسجلها له التاريخ ، إلى جانب إسهاماته الأخري ومنها إسهامه في دعم اتحاد كتاب مصر حين كان يترأسه الكاتب الكبير محمد سلماوي .
• هل فكرت في طباعة مجلة للكرمة تحمل رسالتها ودورها الريادى والذى أصبح يضارع ويناظر مؤسسات ثقافية كبرى تلقى كل الدعم من الدولة والجهات المانحة ، وغير ذلك .
بإذن الله نفكر في ذلك ونرجو أن نوفق جنبا إلى جنب مع كل الجهات والهيئات والمؤسسات الثقافية الجادة في خدمة المشهد الثقافي المصري والعربي .