أهم الاخبار

راسم عبيدات يكتب: مقترح بايدن “الإسرائيلي” خارطة طريق مليئة بالمطبات

مساء يوم الجمعة 31/5/2024،نشر الرئيس الأمريكي بايدن مقترح أمريكي ” اسرائيلي” كخارطة طريق من ثلاثة مراحل تقود الى وقف للحرب العدوانية في قطاع غزة،وناشد كل من ” اسرائيل” وحركة حماس بقبول هذا المقترح واقتناص هذه الفرصة من اجل انهاء الحرب في قطاع غزة، وقطعاً في طرح هذا المقترح،او خارطة الطريق الأمريكية،بايدن تحرك من منطلق الشريك والمشارك في الجرائم والحرب العدوانية على شعبنا الفلسطيني،فهو ليس بالوسيط النزيه ولا بالمحايد، وجل همه الأساسي إستعادة الأسرى عند المقاومة عسكريين ومدنيين وضمان أمن ” اسرائيل”…وهذا المقترح او تلك خارطة الطريق،يبدو بأنها مبادرة ” اسرائيلية”،شاركت في صياغتها واعدادها المؤسستين الأمنية والعسكرية “الإسرائيلية” وبموافقة وزير حرب الإحتلال غالانت وربما اعضاء في الليكود،وربما كان هناك موافقة من نتنياهو عليها،ولكنه لم يكن يريد نشر تلك المبادرة،للحفاظ على وحدة حكومته، ولذلك وجدنا عضو الليكود غال غوتليب،تقول بأن بايدن بنشره لتلك المبادرة “الإسرائيلية” خرق شرط الرقابة العسكرية بعدم النشر،وبأن تلك المبادرة أو المقترح استسلام لحركة حماس.

المؤسستين الأمنية والعسكرية واعضاء في مجلس الحرب المصغر غانتس وايزنكوت طالبوا من بايدن تبنيها لكي تفتح ديناميكية تفاوض حول تلك المبادرة ،ومن أجل زيادة الضغوط على نتنياهو…وبايدن لم ينكر ذلك،بل قال بأن ” اسرائيل” قدمت مقترح شامل لإنهاء الحرب في قطاع غزة.

هذا المقترح او خارطة الطريق الأمريكية،والمتضمن لثلاثة مراحل،لا يختلف كثيراً عن المقترح الموصوف بالمقترح المصري- القطري،والذي وافق عليه وشارك في صياغته والتعديلات عليه مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليم بيرنز،والذي قبلته حماس والمقاومة ورفضه نتنياهو وذهب الى معركة رفح لتحقيق ما يسميه ب” الإنتصار الساحق” واستعادة اسراه عبر الضغط العسكري على المقاومة وحماس،واصحاب الإقتراح لم يحملوا نتنياهو الرافض للمقترح عن فشله،بل استمرت إدارة بايدن بكل أركانها تحمل حماس المسؤولية عن فشله.

تعمق المأزق “الإسرائيلي” الداخلي،وتزايد حدة الإنتقادات والإتهامات لنتنياهو من قبل قيادات أمنية وعسكرية ووزراء حالية وسابقة،وكذلك محللين وخبراء عسكريين وأمنيين ،حول فشل الحكومة الأمني والإقتصادي في إدارة الحرب،وقيادتها بأفق المصالح الشخصية والسياسية على حساب المصالح العليا ” القومية ” لدولة الإحتلال ،قادة الى تعمق الشرخ والإنقسامات الداخلية، فتشكل تحالف ثلاثي من ليبرمان زعيم حزب ” اسرائيل بيتنا” ولبيد زعيم حزب ” يش عتيد” ،يوجد مستقبل” وجدعون ساغر زعيم حزب ” هتكفاه حدشاه”،أمل جديد،في حين عبر غانتس وايزنكوت عن رغبتهما في الإنسحاب من مجلس الحرب المصغر،قبل المهلة التي منحها غانتس لنتنياهو حتى الثامن من حزيران الحالي من أجل وضع استراتيجية لكيفية الخروج من قطاع غزة،واليوم التالي للحرب على قطاع غزة،واتفقت كل هذه الأطراف على الدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة اقصاها تشرين أول من العام الحالي،وتقدم حزب المعسكر الوطني بقيادة غانتس بطلب لحل الكنيست واجراء انتخابات مبكرة…ولعل اختيار توقيت نشر مقترح بايدن” الإسرائيلي” ،أتى في ظل تلك الأوضاع لزيادة الضغوط على نتنياهو،الذي يرفض أي وقف لإطلاق النار،قبل ما يسميه بتحقيق اهداف الحرب كاملة،القضاء على حماس والمقاومة وعدم قدرتها على شن معركة أخرى كمعركة 7 اكتوبر واستعادة الأسرى “الإسرائيليين” عسكريين ومدنيين عند المقاومة.

هناك اجماع في المؤسستين الأمنية والعسكرية بأن الحرب العدوانية على قطاع غزة،قد وصلت الى طريق مسدود،ولا يمكن تحقيق اهدافها لا بالقضاء على حركة حماس ولا بإستعادة الأسرى بدون تفاوض،ولذلك لا بد من مبادرة تمكن اولا من استعادة الأسرى،وتضع نتنياهو بين مطرقة الضغط الأمريكي الخارجي وسنديانة الغليان الداخلي ” الإسرائيلي”، بتصعيد مظاهرات اهالي الأسرى والجمهور ” الإٍسرائيلي”، حيث شهدنا الليلة الماضية مظاهرات ضخمة في تل ابيب والعديد من المدن ” الإسرائيلية” تطالب بإتمام صفقة تبادل الأسرى وعدم الرضوخ لضغوط بن غفير وسموتريتش لإفشال تلك الصفقة.

من وجهة نظري بأن المقترح الأمريكي او خارطة الطريق الأمريكية،مليئة بالمطبات الخطرة،ورغم قناعتي بأن المقاومة الفلسطينية متيقظة وتعرف جيداً، سوء النية والتفخيخ لهذه المبادرة، لكي توافق عليها، وتحميلها المسؤولية في حالة عدم الموافقة عليها،لكي يستأنف نتنياهو عمليته العسكرية ،ورغم ترحيب المقاومة وحماس بهذه المبادرة، ولكن هي لا تجيب عليها قبل موافقة ” اسرائيل” عليها، وهي ربما يرفضها نتنياهو كما حصل في المقترح المصري القطري.

المبادرة والتي تركز على ما يسمى بالهدوء المستدام، لا تدعو الى انهاء حالة الحرب،بل التفاوض في المرحلة الأولى الممتدة لوقف مؤقت لإطلاق النار لستة اسابيع،يمكن تمديدها اذا لم تستكمل المفاوضات حول شروط انهاء وقف إطلاق النار ،وهنا يكمن المطب بأن نتنياهو قد يجد الحجج والذرائع للتملص من هذا الإتفاق،بخرق حماس لشروطه او أي فصيل فلسطيني،ويكون قد استعاد جزء ليس بالبسيط من اسراه،وكذلك هذه المبادرة لا تتحدث عن مصير معبر رفح والسيطرة عليه ولا مصير معبر فلادلفيا ولا مفرق نتساريم،ولا حدود الإنسحاب ” الإسرائيلي”،فمفهوم الإنسحاب الى خارج المناطق السكانية الماهولة غير واضح،والأٍسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم،نوعيتهم وهل سيعودن الى منازلهم أم لا ،ولا يتحدث عن دولة فلسطينية ولا حدود وغيرها …ونحن ندرك بأن الشيطان يكمن في التفاصيل،وهذا الإتفاق اتى نتاج المأزقين ” الإسرائيلي ” والأمريكي، بايدن تعمقت أزمته بعد “الإنتفاضة” الطالبية وتراجعت حظوظه بالفوز في الإنتخابات الرئاسية لفترة رئاسية ثانية،ونتنياهو،عدا الأزمات الداخلية والخارجية، الحرب لم تحقق اهدافها الإستراتيجية المتطرفة في القضاء على المقاومة وحماس ،ولم تمكن من استعادة الأسرى ،ولا عودة سكان غلاف مستوطنات القطاع،ولم توفر الأمن والأمان لهم،والحرب وصلت الى طريق مسدود،والجيش يذهب نحو المزيد من الإهتلاك والإهتراء.، والتفكك وفقدان قوة الردع،ومبادرة بايدن أتت نتيجة حالة الصمود الفلسطيني غير المسبوقة والتفاف الحاضنة الشعبية خلفها رغم التضحيات الكبيرة.

ومن هنا رغم ترحيب حماس والمقاومة في المبادرة الأمريكية ” الإسرائيلية،فيجب التنبه للأفخاخ والمطبات،فنتنياهو رجل كاذب ومخادع ومضلل،والإدارة الأمريكية أكذب منه ولا يمكن الوثوق بها، ونحن نتذكر جيداً بعد الإنتفاضة الثانية عام/2000 ،تشكلت الرباعية الدولية من امريكا وروسيا والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي،لرسم معالم اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967 وعاصمتها القدس،ولكن نتنياهو وضع على تلك الخارطة 14 تحفظاً وأفرغها من مضمونها وماتت الرباعية ،ولم تقم دولة فلسطينية،واستمرت المماطلة ” الإسرائيلية” الأمريكية،لتحقيق هدف ” اسرائيل” الإستراتيجي بعدم إقامة دولة فلسطينية،وكذلك لا ننسى ” خازوق” أوسلو ،الذي نص على اقامة دولة فلسطينية خلال خمس سنوات،وما زلنا ندفع ثمنه حتى اليوم،وعلى الجميع تذكر كيف أن نتنياهو،رفض تطبيق اتفاق الخليل عام 1996 ،واصر على اعادة فتحه من جديد،ورضخت له سلطة اوسلو انذاك،وقسم الخليل الى منطقتين ” اتش 1 ” و”اتش2″،تدفع الخليل ثمنه حتى اليوم.

هي مبادرة مفخخة وملغومة وفيه الكثير من المطبات،ولكن التعاطي معها والترحيب بها على قواعد تلبية شروط المقاومة،وجعل الكرة في ملعب دولة الإحتلال في الرفض ،يحتم على حماس والمقاومة خوض هذه المعركة بقدر عالي من الذكاء واليقظة والحذر،فما يحرك القائمين عليها اولا وعاشراً مصالحهم،ولكن عدم تحقيق الإنتصار واهداف الحرب الإستراتيجية،وحتى لا يكون هناك هزيمة استراتيجية ل” اسرائيل” وفقدان امريكا لمصالحها الإستراتيجية في المنطقة،وتغيرات كبرى في الدول العربية الوظيفية المنضوية تحت لواء المشروع الأمريكي أتت هذه المبادرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى