مُسيكة: الجارية التي أصبحت رمزًا للعفة والطهارة
كانت مُسيكة جارية لعبد الله بن أبي بن سلول، رأس النفاق في المدينة. أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم على ألا تشرك بالله شيئًا، ولا تسرق، ولا تزني، ولا تقتل أولادها، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديها ورجليها، ولا تعصيه في معروف. تجسد ذلك في قول الله تعالى: *(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)* [الممتحنة: 12].
من هي مسيكة
كان البغاء من العادات المرذولة في الجاهلية، حيث يدفع الرجل بجواريه إلى راغبي المتعة لابتغاء المال. أراد عبد الله بن أبي أن يدفع بجاريته المسلمة إلى هذا السبيل المرذول، لكن مُسيكة رفضت ذلك وذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو إليه حالها، فاستمع إليها وقدَّر عفتها وصبرها.
فأنزل الله تعالى قوله: *(وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ)* [النور: 33-34].
بذلك، أبطل الإسلام هذا العرف الجاهلي، وحمى النساء -حرائر وإماءً- من أن يُكرههن أحد على البغاء. أسهمت مُسيكة التائبة في تثبيت دعائم الفضيلة وصناعة مجتمع عفيف برفضها أن تكون أداة في أيدي العابثين، وأصبحت رمزًا للعفة والطهارة.
في كتاب “أسد الغابة في معرفة الصحابة” لابن الأثير، ذُكرت مُسيكة جارية عبد الله بن أبي بن سلول، وأنه نزل فيها وفي أُميمة قوله تعالى: *(وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء)*. جاءت مُسيكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو عبد الله بن أبي، فنزلت الآية تخليدًا لقصة مقاومتها وشجاعتها.
هكذا أصبحت مُسيكة رمزًا للعفة، ونزل في شأنها قرآن يتلى إلى يوم القيامة، رضى الله عن العفائف والطاهرات وعن السيدة مُسيكة.