الأمير الخفي: سر الجمال في قبيلة كندة
في أعماق حضرموت، حيث تتربع قبيلة كندة العريقة، كانت تسود بيوت الملوك وتحكم بعدل وحكمة. لم تنحنِ هذه القبيلة لعبادة الأصنام أو تستخدم الأزلام في الجاهلية، بل جاءت وفودها إلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مسلمة ومطيعة. وقد أثنى عليهم قائلاً: “ألا أنبئكم بخير قبائل العرب؟ كندة، حيث سكونهم سكون الأمراء، وملوكهم ملوك الردمان”.
من هو الأمير الخفي
ومن بين أبناء هذه القبيلة الشهيرة، برز شاعرنا الملقب بـ”المقنع الكندي”، وهو محمد بن ظفر، الذي يعود نسبه إلى يعرب بن قحطان. اشتهر بجماله الفائق وحسنه الباهر، مما دفعه لتغطية وجهه خشية الحسد. عاش في العصر الأموي، ونظم الشعر مادحًا الوليد بن يزيد، واشتهر بأسلوبه الرصين واختياره الدقيق للألفاظ والمفردات الشعرية، مما يدل على براعته في فن الشعر ومكانته الرفيعة بين شعراء العرب.
أبو الفرج الأصفهاني، في كتابه “الأغاني”، يصف المقنع بأنه كان أجمل الناس وجهًا، وكان يتلثم دائمًا ليحمي نفسه من العين. ويقول الهيثم بن عدي: “كان المقنع أحسن الناس وجهًا وأطولهم قامة وأكملهم خُلُقًا، وكان يتلثم ليحمي نفسه من العين التي كانت تصيبه بالمرض”.
كان محمد بن ظفر شاعرًا يندر نظيره في الدولة الأموية، يتمتع بمكانة عالية وشرف ومروءة في قبيلته. ورغم المنافسة على الرياسة بين أفراد عائلته، إلا أنه كان معروفًا بكرمه وسخائه، حتى أنه أنفق كل ما ورثه من أبيه، مما جعل أبناء عمه يتفوقون عليه بأموالهم ومكانتهم.