دلال المغربي: قصة حياة فتاة فلسطينية تحولت إلى أيقونة في مواجهة الاحتلال
كتبت: رانيا سمير
في تاريخ البشرية، تبرز شخصيات تتحلى بالشجاعة والتفاني، فهم يضحون بأرواحهم من أجل القيم التي يؤمنون بها والمبادئ التي يراها أساسية لبقاء وتقدم وطنهم. إنهم الأبطال الذين يبذلون كل جهدهم ويقدمون أعظم التضحيات من أجل الحفاظ على سلامة وسلامة الوطن وشعبه.
تتجلى قصص الشجاعة والتضحية في العديد من السياقات، سواء كانت في الميادين العسكرية أو الساحات السياسية أو حتى في العمل الإنساني. ومع كل قصة، يظهر لنا مدى تأثير هذه التضحيات على شكل العالم ومسار التاريخ. ويسلط التقرير الضوء على أيقونة واجهت الإحتلال الغسرائيلي وهي دلال المغربي، المولودة في عام 1958، نشأت في مخيم صبرا بالعاصمة اللبنانية بيروت، كابنة لعائلة فارقت مدينة يافا بعد نكبة عام 1948.
حصلت دلال على تعليمها الابتدائي في مدرسة يعبُد ومن ثم التحقت بمدرسة حيفا الإعدادية، التابعتين لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”. رغم بلوغها المرحلة الثانوية، إلا أنها لم تتمكن من إكمال دراستها، حيث قررت الانضمام إلى صفوف الفدائيين في حركة فتح، مع الاستمرار في دراستها.
شاركت المغربي في العديد من الدورات العسكرية والتدريبات حول حرب العصابات. حيث تلقت تدريبًا على مختلف أنواع الأسلحة. وتميزت خلال مشاركتها في هذه الدورات بجرأتها، وشجاعتها، وحسها الوطني الرفيع، كما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.
اغتيال القادة الفتحاويين الثلاثة؛ كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار على يد الإسرائيليين في عام 1973، ترك أثرًا سيئًا على دلال المغربي. كانت المخيمات الفلسطينية تتعرض لعدوان مستمر ومقيت، وهو ما زاد من مرارة شعور دلال وبؤس أسرتها. إن هجرتهم القسرية لم تكن لتحدث لولا الاحتلال الإسرائيلي لبلدها فلسطين، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.
بعد حادثة الاغتيال، تم اختيار المغربي لتكون رئيسة لمجموعة فرقة “دير ياسين” المكونة من عشرة فدائيين، لتنفيذ عملية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. خططت الفرقة لعملية تهدف للقيام بإنزال على الشاطئ الفلسطيني والسيطرة على حافلة عسكرية. ومهاجمة مبنى الكنيست في تل أبيب. وهذه العملية أصبحت معروفة باسم “عملية كمال عدوان”.
في ذلك الوقت، تسابق الفدائيون الفلسطينيون للمشاركة في العملية. وكانت دلال المغربي، التي كانت في العشرين من عمرها، من بينهم.
عملية استثنائية
في صباح الحادي عشر من مارس عام 1978، نفّذت دلال المغربي وفريقها عملية استثنائية حيث نزلوا من قاربين أثناء مرورهما قرب الساحل الفلسطيني. تمكنوا من إتمام عملية الإنزال بنجاح ودون أن يلاحظهم الإسرائيليون بسبب تقديرهم الخاطئ لشجاعة المقاومين الفلسطينيين، وفقًا لوكالة “وفا”.
بعد وصولهم إلى تل أبيب، استولت دلال وفريقها على حافلة عسكرية كانت تقل جنودًا إسرائيليين. خلال الاشتباكات التي نشبت مع عناصر إسرائيلية أخرى خارج الحافلة، أسفرت العملية عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجانب الإسرائيلي.
بناءً على الخسائر الفادحة التي تكبدتها، أمرت حكومة إسرائيل بتشكيل فرقة خاصة من الجيش بقيادة إيهود باراك لإيقاف الحافلة واعتقال ركابها. استخدمت القوات الإسرائيلية الطائرات والدبابات لحصار الفدائيين. مما دفع دلال المغربي إلى اتخاذ قرار تفجير الحافلة وركابها. هذا القرار أدى إلى مقتل الجنود الإسرائيليين على متن الحافلة. بعد التفجير، أمر باراك بإطلاق النار على الفدائيين بالرشاشات، مما أسفر عن استشهادهم جميعًا.
ويجدر بالذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تزال تحتجز جثمان الشهيدة دلال المغربي في “مقابر الأرقام” حتى اليوم.