معركة بلبيس: تحديات ونصر أسد الدين شيركوه
سعى أسد الدين شيركوه،قائد دمشق، جاهدًا لتحقيق توحيد العالم الإسلامي واستعادة المقدسات الإسلامية، بما في ذلك مصر وبيت المقدس، من يد الصليبيين. ورأى أن النصر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال توحيد الشام ومصر. رغم إلحاحه على نور الدين ملك دمشق لفتح مصر، إلا أن الوقت لم يكن مناسبًا، حيث كانت الجيوش مشغولة في مواجهة الصليبيين في جميع أنحاء الشام.
تفاقمت الأوضاع في مصر بين شاور وضرغام بسبب خلافهما على منصب الوزارة والخلافة الفاطمية، مما دفع ضرغام لطرد شاور واللجوء إلى الملك العادل نور الدين محمود للمساعدة. استغل نور الدين هذه الفرصة لفتح مصر، وكلف أسد الدين شيركوه بالمهمة، الذي فرح بها وخرج من دمشق مصطحبًا معه صلاح الدين الأيوبي وألف رجل فقط في عام 559 هجرية.
وصل إلى بلبيس بجيشه المكون من ألف رجل فقط وواجه جيش ضرغام هناك، حيث انتصر عليه وواصل تقدمه نحو القاهرة. في القاهرة، قضى على ضرغام وأعاد شاور لمنصب الوزارة، وبقي هو في ظاهر القاهرة انتظارًا للوفاء بالعهود والمواثيق مع شاور. لكن شاور غدر به وأمر أسد الدين بالرجوع إلى دمشق وهدده.
دخول بلبيس
رفض أسد الدين الرجوع ودخل بلبيس، حيث بقي ممتنعًا فيها وأرسل رسالة إلى شاور بأنه لن يتحرك إلا بأمر من قائده نور الدين محمود. كانت هذه خطوة تظهر ولاء الجندي لقائده حتى لو كان هذا الجندي هو أسد الدين نفسه، أعظم فرسان زمانه.
شاور، رجل مهتم فقط بمصالحه الخاصة، سارع لطلب المساعدة من الصليبيين في الشام لمواجهة أسد الدين. عندما وصلت رسالة شاور إليهم، فرح الصليبيون وأرسلوا جيوشهم لمساعدته وبذل شاور أموالًا طائلة لهم.
تم حصار الجيش الشامي وأسد الدين في بلبيس لمدة ثلاثة أشهر من قبل الجيوش الصليبية وعساكر شاور. بالرغم من قصر سور المدينة وعدم وجود تحصينات، لم يجرؤوا على اقتحامها بسبب خوفهم من شجاعة أسد الدين.
في ذلك الوقت، هاجم نور الدين أملاك الصليبيين في الشام، مما جعلهم يخشون فقدان المزيد من أراضيهم. راسلوا أسد الدين للتفاوض، واتفقوا على خروج الجميع إلى بلادهم. في هذه اللحظة، أثنى أحد الصليبيين على شجاعة أسد الدين وتقدير الفرنج له، مؤكدًا أنهم أخطأوا في التقدير، وقد عذروهم.