تاريخ ومزارات

أبو حنيفة النعمان.. إمام الفقهاء الذي توفي في سجون الخليفة أبو جعفر المنصور

أسماء صبحي 

أبو حنيفة النعمان بن ثابت، المعروف أيضًا بإمام الأعظم. ولد في الكوفة عام 80 هـ في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان. نشأ في أسرة صالحة وغنية، وكان يتمتع بملامح جميلة ونطق واضح. كما كان ذكيًا بصورة استثنائية، حازمًا، حاد البديهة، كريمًا جدًا، صامتًا طويل الأناة، ومتفكرًا دائمًا. كان أحد الأئمة الأربعة الذين اتبعت مذاهبهم المعتبرة، واشتهر أبو حنيفة بكونه إمامًا لأهل الرأي.

مذهب أبو حنيفة

كان أبو حنيفة يعمل في التجارة بأمانة وصدق، واستمر في ذلك معظم حياته. مكتسبًا خبرة في عادات وتقاليد التجارة وطرق البيع والشراء للناس. كما تعلم أبو حنيفة الفقه تحت إشراف المعلم حماد بن أبي سليمان، وقضى معه 18 عامًا من الدراسة. وقال حماد في نهاية هذه الفترة: “يا أبا حنيفة، أنت أذهلتني”. بمعنى أنه استفاد منه في العلوم بشكل كبير.

وكان أبو حنيفة من أصحاب علم الكلام في البداية، لكنه اتجه بعد ذلك إلى الفقه. حيث جمع حوله تلاميذه وطرح القضايا لمناقشتها، وعندما تنضج القضية تدوَّن. كما كان يمنح تلاميذه حرية كبيرة، ولم يتركوا قضية دون مناقشتها. بالمقابل، كان هناك أئمة آخرون مثل مالك يفرضون رأيهم على طلابه دون المناقشة.

وكان أسلوب الحنفية مشجعًا لتمكين الطلاب من فرصة تدريبية للتفكير ومعالجة المسائل. كما اتبع الحنفية منهجًا واضحًا يعتني بالعلة ويبحث عنها. ولكنهم بدأوا أولاً بالفقه، ثم استخلصوا الأصول والقواعد منه فيما بعد.

تلاميذه

كان لأبو حنيفة جمهورية كبيرة من التلاميذ، وعلى رأسهم أبو يوسف، الذي أصبح قاضيًا للقضاة. ومحمد بن الحسن الشيباني، وزفر بن الهزيل، والحسن بن زياد. الذين صاغوا بعض المصطلحات الخاصة به وطوروا مذاهب الحنفية في الفقه الإسلامي. كما تميزت مذاهب الحنفية بالتركيز على العقل والمنطق في استنباط الأحكام الشرعية. والاعتماد على أدلة القرآن والسنة، مع الأخذ بعين الاعتبار ظروف الزمان والمكان ومصلحة المسلمين.

وتعتبر مذاهب الحنفية من أكثر المذاهب انتشاراً في العالم الإسلامي. وتتبعها العديد من البلدان الإسلامية مثل الهند وباكستان وبنغلاديش وتركيا والعراق والأردن والكويت وغيرها. وتعتبر المذاهب الحنفية إحدى الأركان الأربعة للفقه السني، إلى جانب المذاهب الشافعية والمالكية والحنابلة.

وفاته

بعد أن تولى الخليفه العباسى أبو جعفر المنصور مقاليد الخلافه طلب من الإمام أبو حنيفه تولى القضاء. ولأن الإمام الشيخ الجليل كان معترضًا على توليه الخلافه لإسرافه فى القتل. وأخذ الناس بالشبهات وإطلاق يد ولاته فى الظلم والقتل فقد رفض تولى القضاء. وكان أبو جعفر المنصور قد حلف على أبى حنيفة أن يتولى القضاء. وحلف أبو حنيفة ألا يفعل، وقال “إن أمير المؤمنين أقدر منى على كفارة إيمانه”.

أمر الخليفة بحبسه ولم يشفع له أنه شيخ مسن قد تعدى السبعين وأنه من كبار فقهاء الإسلام. وهو لم يرتكب أي جريمة يستحق عليها الضرب والجلد والإهانه والسجن. وكل الجريمه التى يعاقبه عليها الخليفه هو أنه رفض أن يتولى القضاء وأن يكون تابعًا للخليفة. ولم يتحمل الشيخ الجليل الجلد والسجن فمات في سجون الخليفة أبو جعفر المنصور سنة 150 هـ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى