تاريخ ومزارات

“زبيدة البواب”.. عشقها مينو في مصر وغدر بها في شوارع فرنسا

أميرة جادو

جاءت بداية بطلة قصتنا “زبيدة” في رشيد حيث الإقامة في منزل والدها أكبر الأعيان إلى القاهرة زوجةً لأحد حكام مصر الفرنسيين، ثم إلى فرنسا حيث المجهول ووصولاً إلى مرسيليا بالعربدة والوحدة، كانت قدر زبيدة بنت محمد البواب الميزوني.

على الرغم من عدم ذكر تفاصيل حياتة “زبيدة” في التاريخ، من حيث تاريخ الميلاد وظروف التربية، حيث اكتفى الكاتب الكبير “علي الجارم” بتخليد حياتها أدبياً في رواية غادة رشيد، لكنها دخلت التاريخ من باب أنها إحدى أبرز رموز التمدن المصري بشكل غريب نظراً للزمن التي عاشت فيه.

أكبر مساوئ تاريخ زبيدة بنت محمد البواب

ووفقاً لما ذكره الكاتب الروائي “علي الجارم” في قصته، فتح التاريخ باباً مزيف لـ “زبيدة” حيث ذكر أنها كانت تحب بن عمها، وأن خادمها “مسرور” ساعدها في العودة لمصر ولما رجعت وجدت محمود ميتاً وعلى قبره تجلس حبيبته الإنجليزية حتى ماتت زبيدة مع حبيبة محمود حزناً عليه وهذا لم يحدث أصلاً.

نشأة زبيدة وحياتها

من رشيد ولأسرة عريقة ولدت “زينب بنت محمد البواب الميزوني”، تزوجت مبكراً من “سليم أغا نعمة الله”، ثم تطلقت منه لأسباب مجهولة، وعقب الطلاق كان قائد الحملة الفرنسية الثالث الجنرال “جاك فرانسوا مينو” يطرق باب أبيها للزواج منها وكان هذا قبل أن يتولى الجنرال “مينو” قيادة الحملة الفرنسية خلفاً لكليبر ونابليون.

والجدير بالإشارة في قصة “زبيدة” هو تجاهل رد فعل الشارع المصري على تلك الواقعة، كون أن الزوج ليس من وطنهم ولا بيئتهم وهو رمز للاحتلال أصلاً، إلا أن كل هذا انهار عقب إعلان “مينو” إسلامه وتغيير اسمه إلى “عبدالله مينو”، إلا أن أكثر المسائل الملفتة في هذا الموضوع هو مدى التحرر الذي بدأ المصريون يصلون إليه عام 1801 م، حيث الموافقة على تلك الزيجة.

كما تشير إحدى “الوثائق التاريخية”، إلى مدى رسمية عقد الزواج والذي يوضح أن هناك قبولاً بين الطرفين على الموضوع.

وبحسب ما جاء في كتاب “كلوت بك” عن الحملة الفرنسية، فأن “زبيدة” كانت في نظر “مينو” جميلة الجميلات من أهل بر مصر، ورغم أنها مصرية لكنه عاملها معاملة الفرنسيات، كون أنه كان يسحب الكرسي الذي ستجلس عليه حول مائدة الطعام، فضلاً عن وجود الإيتيكيت في طريقة التعامل والمشاعر التي لم يستفيض المؤرخون في التوثيق لها.

سعادة ظاهرية فقط

وعلى الرغم من السعادة الظاهرية في الحياة الزوجية لـ “مينو و زبيدة” التي أسفرت لاحقاً عن إنجابها منه ولداً سمته “سليمان”، لكن لم يقدر لها السعادة ولا حتى لزوجها، حيث وصل لكرسي قيادة مصر تحت الاحتلال الفرنسي الذي يقوده ولم يستمر طويلاً، حيث حوصرت الإسكندرية من الإنجليز، بتعاون من الدولة العثمانية، مما جعل مينو يأخذ زوجته إلى الأزبكية، ثم سافرا سويًا بعد إعلان انسحاب الفرنسيين من مصر.

ملامح الضياع 

بدأت معاناة “مينو” مع المرض وهو في طريقه لفرنسا مع زوجته بحراً على متن السفينة ديدون بصحبة كبير أطباء الحملة الفرنسية “دومينيك جان لاري”، وعقب تماثله للشفاء قبل وصوله لباريس، بدأت ملامح الضياع تطفو على سطح العلاقة التي جمعت بين مينو وزبيدة.

ترك “مينو” زوجته “زبيدة” تسكن بمدينة “مارسيليا” الفرنسية، بينما تولى إدارة حكم 3 مدن خلال 5 سنوات وهم بييمونتي، وتوسكانا، ومدينة البندقية، ورغم كل مناصبه لكنه لم ينس أصله فعاشر سيدات واتخذ عشيقات لنفسه أغلبهن راقصات الحانات والتي كان مينو مقيماً فيها تاركاً زوجته ونجله منه، ومع تراكم الديون عليه فضلاً عن سوء أخلاقه تم طرده من أي خدمة عسكرية أو قيادية في باريس.

كارثة تغير مجرى العلاقة

كانت زبيدة مقيمةً في منزلها وحدها بصحبة ولدهما، ولم يرعاهما سوى خادمها “سرور” وكانت زيارات “مينو” لها قليلة وأسفرت زياراته عن إنجابه لولد آخر، ثم كانت الكارثة لاحقاً أن ارتد “مينو” عن الإسلام، وقرر التوجه لزوجته ليأخذ الولد الثاني ويقوم بتعميده مسيحيًا.

رفضت زبيدة ثم اقتنعت بحيلة من “مينو” وفق ما يذكره “رفاعة الطهطاوي” في كتابه “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”، حيث أنه استدعى لها أحد المستشرقين، وقال إن الإسلام لا يمنع تعميد الطفل لأن الله يقضي بإيمان أهل الكتاب عملاً بقول الله تعالى “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرهمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا همْ يَحْزَنونَ”.

تعميد ابن زبيدة

وعلى إثر ذلك وافقت زبيدة وتم تعميد ولدها الذي تربى في أسرة فرنسيةٍ فيما بعد.

والجدير بالذكر أن لا يعرف أي شيء عن نهاية زبيدة على مستوى اليقين، سوى بعض تكهنات المؤرخين أن ولدها الكبير توفي في ظروف غامضة، ولم تعرف الوصول إلى نجلها الثاني خاصة بعد وفاة مينو سنة 1810 م، كما أن أهلها لم يتمكنوا من الوصول لها، حتى عاشت في شوارع مارسيليا تتسكع طرقاتها مع شبهات حامت حولها بشأن احترافها للبغاء من أجل العيش، لكن الثابت هو أنها ماتت مسيحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى