تحديات و إنجازات علي مبارك في مجال التعليم.. تعرف على رحلته
علي مبارك ولد في قرية برمبال الجديدة، التابعة لمركز منية النصر حاليًا، والتي كانت تتبع حينها مركز دكرنس في محافظة الدقهلية في 1823م. نشأ في أسرة كريمة، وكانت فرحة كبيرة في القرية بمولده، حيث كان ذلك مصدر فخر لوالديهم الكريمين، خاصةً لأنهما لم يسبق لهما أن أنجبا سوى الإناث.
منذ صغره، برزت في علي مبارك علامات الذكاء والطموح الشديد للتعلم. بدأ تعلم مبادئ القراءة والكتابة في بلدته، ثم انتقل إلى مدرسة الجهادية بالقصر العيني عندما كان عمره اثنتا عشرة سنة، لكن بعد عام تم إلغاء هذه المدرسة وتحويلها إلى مدرسة الطب، فانتقل إلى المدرسة التجهيزية بأبي زعبل، حيث كان نظام التعليم بها أفضل.
تعلم علي مبارك القرآن الكريم على يد الشيخ أحمد أبي خضر، وعاش تحت رعايته وتأثر بتأديبه الصارم وتعاليمه الدينية. بعد خمس سنوات، تم اختياره مع مجموعة من الطلاب المتميزين للالتحاق بمدرسة المهندسخانة في بولاق، حيث كانت تحت إشراف المهندس الفرنسي يوسف لامبيز بك.
خلال فترة دراسته في المدرسة، تعلم العديد من المواد الهامة مثل الجبر والهندسة والكيمياء والجيولوجيا والميكانيكا والفلك وغيرها، وتخرج منها في سنة 1844 م. كانت هذه الفترة الأولى من رحلة تعليمية استمرت طوال حياته وأثرت في بناء شخصيته وتأهيله لتحمل المسؤوليات الكبيرة التي أتت في مسار حياته المستقبلي.
تم اختيار علي مبارك ضمن مجموعة متميزة من الطلاب للسفر إلى فرنسا في بعثة دراسية في سنة 1849م، حيث كانت البعثة تضم أربعة من أمراء بيت محمد علي، بما في ذلك أبناؤه وأحفاده، بما فيهم إسماعيل بك إبراهيم الذي أصبح لاحقًا الخديوي إسماعيل. بفضل جهده واجتهاده، نجح علي في اكتساب مهارات اللغة الفرنسية، وذلك رغم عدم وجود خبرة سابقة بها.
بعد إتمام دراسته في الهندسة الحربية والمدفعية، والتدريب في الجيش الفرنسي، عاد إلى مصر بأمر من عباس الأول الذي تولى الحكم، حيث بدأ مسيرته العملية بالتدريس، ثم انضم إلى حاشية عباس الأول وشارك في تنظيم المدارس وصيانة القناطر الخيرية.
تطوير قطاع التعليم
عرف علي مبارك بلقب “أبو التعليم في مصر” نظرًا لإسهاماته البارزة في تطوير قطاع التعليم. خلال فترة إدارته لديوان المدارس في عهد الخديوي عباس الأول، قام بسلسلة من الإنجازات المهمة في المجال التعليمي. قام بتنظيم المدارس وتطوير العملية التعليمية، واختيار المناهج، وتعيين الأساتذة الأكفاء للمشاركة في تأليف المناهج الدراسية. بالإضافة إلى ذلك، أسس مطابع خاصة لطباعة الكتب الدراسية، مما أدى إلى نهضة تعليمية شاملة تحظى بإشادة العالم أجمع.
وأثناء فترة خدمته، شهدت مصر إنشاء كلية “دار العلوم” بتوجيه من الخديوي إسماعيل، حيث كلف علي مبارك بإعداد التخطيط الهندسي، ووضع المناهج، واختيار الأساتذة. بدأت “دار العلوم” بعملها وضمت صفوة أساتذة اللغة العربية في مصر. كما أسس مجلة “روضة المدارس” بهدف إحياء الآداب العربية ونشر المعارف الحديثة، مؤكدًا حرصه على تعزيز الثقافة والتعليم في البلاد.
تميزت فترة عمله مع عباس الأول بجهوده الحثيثة في تنظيم التعليم وتطوير المدارس. قدم مشروعًا لتنظيم المدارس وحصل على تأييد عباس الأول، وقام بترتيب المناهج واختيار الكتب وتأليف بعض الكتب المدرسية.
بعد استقالته من منصب نظارة المعارف في وزارة رياض باشا، أقام علي مبارك في منزله حتى عام 1891م. بعد ذلك، سافر إلى بلده لإدارة أملاكه، لكنه أصيب بالمرض مما دفعه للعودة إلى القاهرة لتلقي العلاج. ومع تفاقم حالته الصحية، تدهورت حالته حتى وافته المنية في 1893م.