سعيد بن جبير: الإمام الورع ومرجع العلم في زمانه
سعيد بن جبير، الذي ولد في العام 95هـ، يُعدُّ من أبرز الشخصيات في جيل التابعين. اشتهر بتمسكه بالهداية واتباعه لسنة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وتفضيله الآخرة على زخرف الحياة الدنيا. كان محل ثقة واحترام علماء عصره، حيث وُصِف بأنه إمام موثوق وحجة للأمة الإسلامية.
من هو سعيد بن جبير
منذ صغره، كان سعيد مثالاً للجد والاجتهاد، حيث كان يُرى دائمًا إما مُنهمكًا في تعلم العلوم من الكتب أو مُكرسًا وقته في العبادة والصلاة. وقد تلقى العلم على يد بعض كبار الصحابة مثل أبي سعيد الخدري وأبي موسى الأشعري وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهم جميعًا. ولكن، كان لعبد الله بن عباس، الذي يُلقب بحبر الأمة، الأثر الأكبر في تعليمه.
ظل سعيد ملازمًا لابن عباس، يتلقى منه القرآن وتفسيره، ويتعلم القراءات القرآنية الصحيحة التي نُقلت عن النبي، ويفقه في الدين. وقد بلغ من العلم ما جعله مرجعًا لا غنى عنه في زمانه.
في الكوفة، كان سعيد هو المرجع الأول في الفتوى والتفسير، حتى أن ابن عباس نفسه كان يحيل الناس إليه للفتوى. وعلى الرغم من مكانته العلمية الرفيعة، كان سعيد يتحرى الدقة والورع في تفسير القرآن، متجنبًا القول بالرأي الشخصي، تأسيًا بالسلف الصالح.
كانت أقوال سعيد مصدرًا أساسيًا للمفسرين، وقد وثقه علماء الجرح والتعديل، وروى عنه أصحاب الكتب الستة وغيرهم. وقد وصفه ابن حبان بأنه فقيه وعابد وفاضل وورع.
ومن مظاهر تعلقه بالقرآن، ما ذُكر عنه من ختمه للقرآن في فترة قصيرة بين صلاة المغرب والعشاء خلال شهر رمضان، وفي روايات أخرى، كان يختمه كل ليلتين.
وقد عُرف عن سعيد بن جبير مواقفه الشجاعة ومآثره العظيمة، خاصةً مع الحجاج، الذي قتله في شعبان من العام 95هـ، وكان عمره حينها تسع وأربعين عامًا. رحمه الله وأكرم مثواه.