د عبدالله بن محمد الشيخ يكتب :هي العشر وأي عشر هو الفراق وأي فراق
د عبدالله بن محمد الشيخ يكتب :هي العشر وأي عشر هو الفراق وأي فراق
هي العشر قد أقبلت وأي عشر وأي سنون وأي فراق وأي بعد وأي فقد وأي حنين وأي شوق وأي أماني وأي أحلام وأي ألم
وأي أشجان وأي وجع
كل هذه المعاني تختلط في ذكرى فراق وأي فراق على وفاة وأي وفاة على فقيد وأي فقيد
إنه الوالد العظيم اللواء
محمد بن يحي الشيخ
طراز نادر من البشر جمع خصالاً أكثر من رائعة
أجمع كل من عرفه على علو شأنه وعزته ورفعته فهو المقدم في كل شىء
المقدم في صلته بخالقه ومولاه ومراقبته وخشيته وكان يردد عبارة وما أروعها من عبارة بأن علاقته مع ربه شفافة ولذا رحل إلى ربه شهيداً
ومع أنه لم يُعرف بكثير عبادة إلا أنه كان يحمل بين جنباته قلباً نقياً طاهراً يحب الخير لكل الناس رحمته وشفقته وإحسانه يبذله لكل أحد فكيف بالحال مع الفقير الضعيف المسكين كان رحمه الله رحمة واسعة يبادر إلى هذا الضعيف ويأخذ بيده ويقضي له مصالحه وهو مديراً للشرطة ثم يوصله إلى سيارته ويقبل رأسه إن كان كبيراً في السن ويقول هذا الذي يخدمه يخدمه لله عز وجل أما الغني فيخدمه جاهه وماله
ومن هذه المراقبة لم يعرف عنه طوال خدمته بأنه ألحق ضرراً بأحد أو تسبب في ذلك بل كان يحذر ويُحذر من ذلك أشد التحذير
أما عن رحمته وشفقته وعطفه فمن لي بمثله في هذا الزمان فهو تسبق دمعته لسانه كان يتعامل بالكلمة وهي عنده أكبر عقاب يمكن أن يعاقب به
إذا رأي الفقير أو الضعيف أو المصاب وهو في شدته بادر لمواساته بدمعه وغمره بمشاعره واحاسيسه قبل عطائه ومساعدته ووقفته معه
هذا مع البعيد فكيف حاله مع أقرب الناس له كيف حاله مع والده رحمه الله رحمة واسعة وبره ورضاه وإحسانه إليه وقد كان من أبر الناس حتى إنه ضحى بكل شىء وأنتقل من الرياض إلى الطائف ليكون بجوار والده
أما والدته التي كان وحيدها فقد كانت كل حياته
وبقي طوال عمره يذكرها بالخير ويتمنى أن لو قدم لها المزيد من البر والاحسان والمعروف
أما حاله مع زوجه وولده فقد قدم لهم كل مايستطيع وكان مراراً وتكراراً مايردد ليت عندي المزيد لاقدمه لكم
هذا وهو قد جعلهم يعيشون أجمل وأكرم وأطيب حياة وتركهم في عزة ورفعة وورثهم قناعة وزهد في هذه الدنيا الفانية لأنهم عاشوا معه الحياة بأجمل وأروع تفاصيلها
لا يحتاجون معها إلى أحد
ولا زلت أذكر وصيته الأكثر من رائعة يوم أن قال لحبة فؤاده أحمد قبل وفاته بليلة أوصيكم بأخوتكم مع بعض وألا تتفرقوا وأوصيكم بأمكم وأختكم
لا يتغير عليهما شىء وتبقيان في العز الذي هما فيه
فيالها من روعة مشاعر وإحساس مرهف حتى إنه في آخر حياته تشغله زوجته وأولاده ويوصي بالجميع خيراً
هو المقدم في علمه وثقافته ومعرفته ووعيه ودرايته وخبرته وفكره وحصافته فقد كان يضرب به المثل في ذلك كله وكان كما يُقال عنه فاكهة المجالس فإذا حضر مجلساً كانت له الصدارة والريادة ودفة ذلك المجلس ولا غرابة فهو إذا تحدث في فن من الفنون ظننت أنه لا يُتقن سوى ذاك الفن
أما عن عطائه وتضحياته لبلده فقد كان عاشقاً لتراب بلده يتمنى دائماً بأن يرى بلاده في مقدمة مصاف الأمم وقد أدى خدمته في جهاز الداخلية بشرف وتقاعد بشرف برتبة لواء
وكان من خيرة رجال الأمن كما شهد له بذلك أحد أعظم رجالات الداخلية
أميرنا المحبوب ووالدنا الكريم وتاج رؤوسنا الأمير الشهم النبل الكريم أحمد بن عبدالعزيز
وزير الداخلية السابق وقد جمعته به رفقة عمر منذ أن كان عمرهما سنتين كما ذكر لنا سموه حفظه الله
ماذا عساني أن أقول وبما أثني عليه وأظهر من صفاته الكريمة وخصاله الطيبة وسجاياه الحميدة ولو أردت ذلك لما سعفني حبر ولا وسعت ذلك مجلدات ووقفت كلماتي وعباراتي عاجزة عن ذلك
رحمك الله رحمة واسعة أيها الوالد العظيم
هي العشر وأي عشر هو الفراق وأي فراق هو الفقد وأي فقد
رحلت روحه الطاهرة ووري الجسد الكريم في ذاك الجوار الطيب المبارك وفي ذاك البلد فأي جوار إنه جوار أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وأرضاها
وأي بلد هي إنها بلد الحرام مكة المكرمة شرفها الله
هي العشر منذ رحيله ونحن لم ننساه وأنى لنا أن ننساه وهو روح الروح ونبض النبض وفؤاد الفؤاد هو القلب هو النبضات هو الاحساس هو المشاعر
هو البصر هو السمع هو الفكر
هو الحياة كلها هو البسمة
هو الضحكة هو الفرح
هو السرور
هو من ورثنا أعظم إرث
اسماً عزيزاً عالياً رفيعاً نجده كلما دخلنا إلى مجلس في ترحاب الناس بنا وتقديرهم وإجلالهم لنا لأننا أولاد ذاك الرجل العظيم وهي تركة عظيمة ثمينة أثمن من الجواهر واللؤلؤ والألماس تحتاج لبذل الغالي والنفيس من أجل المحافظة عليها
الحياة من بعده تمضية لما بقي من العمر والحمد لله على قضائه وقدره أولاً وآخراً ويبقى العزاء بأن لنا رباً رحيماً أرحم بعباده من الوالدة بولدها نرجو أن يشملنا بهذه الرحمة ويجمعنا بوالدنا العظيم ووالدتنا الكريمة العظيمة
في الفردوس الأعلى من الجنان ويعوضنا ويصبرنا على فقده
اللهم اغفر له وأرحمه وتقبله في عداد الشهداء وأجزه عنا خير ماتجازي به والداً عن أولاده ووفقنا لبره بعد موته
وبارك لنا في والدتنا العظيمة الزهراء نور حياتنا واضاءتها ووفقنا لبرها ورضاها واجمع لها بين الأجر والعافية واختم لنا ولها بخاتمة الخير
اللهم آمين اللهم آمين