د.جواد الهنداوي يكتب:لماذا تلجأ أميركا إلى التحالفات في الحروب.. وهل ستنجح ضّدَ اليمن؟
د.جواد الهنداوي يكتب:لماذا تلجأ أميركا إلى التحالفات في الحروب.. وهل ستنجح ضّدَ اليمن؟
بين أمريكا و إسرائيل تطابق في كل شئ ،. دولة عظمى قامت على اغتصاب ارض الهنود وقتلهم وتهجيرهم ، السكان الأصليين للأمريكيتين، والذين سمّاهم كريستوف كولومبوس (عام ١٤٩٢)، بالهنود الحمر، تميزاً لهم عن الهنود الآسيويين، ذوي البشرة الداكنة. كذلك الكيان الصهيوني المُحتل، قامَ على اغتصاب ارض فلسطين وقتل وتهجير شعبها، وجلَبَ صهاينة ويهود من كل شتات العالم واسكنَهم ارض فلسطين، مثلما غزا الأوروبيون والعنصر الأبيض ارض امريكا.
ديدن امريكا الهيمنة على العالم وبكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، كذلك اسرائيل وسعيها للهيمنة على المنطقة. الحروب لأمريكا هي إكسير حياتها وسّرْ وجودها، كذلك إسرائيل، تعتاش على القتل والتوسّع والتضليل والفتن والحروب.
صحيح انَّ كليهما أدوات الصهيونية وعجلاتها، ولكننا نحتار في معرفة أيهما الأصل و أيهما الفرع ؟ مصالح متبادلة بينهما، ومصيرهما مشترك، وحرب غزّة رسخّت اكثر ما هو واضح ومعروف، ونستطيع ان نجزمْ بأنَّ مصلحة إسرائيل أولاً ثُمّ مصلحة امريكا ، اي اسرائيل عقرْ صهيون ، هي الأصل ، وامريكا بلاد صهيون هي الفرع . لذلك تستقتل امريكا من اجل ان تكون اسرائيل “دولة يهودية” ، وتستقتل امريكا من اجل ان تعترف السلطة الفلسطينة ويعترف العرب ، ليس فقط بدولة اسرائيل ، وانما ايضاً بيهوديتها ، وتعمل على ان يعترف الجميع بالقدس عاصمة للكيان المحتل .
طوفان الأقصى بيّن للعالم قاسماً مشتركاً آخر بين الكيان الصهيوني المحتل وامريكا ، وهو اللجوء إلى بناء التحالفات عند حروبهما . ما مِنْ حرب خاضتها امريكا في منطقة الشرق الأوسط من دون بناء وقيادة تحالف مع شركائها، أوربيين و غيرهم وعربا ، وتُسّمي هذا التحالف “بالتحالف الدولي” ويعلو في أهميته وأثرِهِ على التحالف الاممي. وفرق كبير لأمريكا ان يكون تحالف دولي بقيادتها ولمصلحتها عن تحالف أُممي محكوم بقواعد منظمة الامم المتحدة وبشروطها !
كذلك إسرائيل، في حرب الابادة الجماعيّة ضّدَ الشعب الفلسطيني في غزّة، تقود و امريكا تحالفاً دولياً وسياسياً، والأساطيل البحرية المنتشرة في مياه المنطقة، وجنسيات المرتزقة الذين يقاتلون، ويُقتلون في غزّة، خير أدّلة على ذلك.
اليوم تعمل امريكا، ومن خلال وزير دفاعها الذي يجول في المنطقة، إلى بناء تحالف دولي وعربي لمواجهة اليمن و استهدافها عسكرياً في البحر، و ربما في الجو والبّرْ .
ويجدُ الأمريكيون صعوبة في إقناع بعض الدول، وخاصة العربية مثل الإمارات والسعودية، في قبول الانضمام إلى هذا التحالف، ولم يترّددْ الحوثيون بتحذير الدول العربية من مغّبة الانضمام لتحالف عسكري ضّدَ اليمن . وقال اليمنيون صراحة بأنَّه في حال انضمام الإمارات والسعودية لاي تحالف مع امريكا و إسرائيل ضّدَ اليمن، سنكون في حّلٍ من الاستمرار في مساعي التهدئة والسلام وسنستهدف كل بواخر النفط، الماّرة عبر البحر الأحمر .
لماذا تلجأ إمريكا ، وتمضي مثلها إسرائيل ، إلى التحالف لشّن الحروب وارتكاب الجرائم ؟
قد يكون السبب لاسرائيل هو قدراتها العسكرية المحدودة في العتاد والسلاح و المقاتلين ، ولكن لأمريكا مآرب أُخرى ذات مغزى سياسي وعسكري ،فما هي ؟
أولاً ، تقصدُ امريكا ، عندما تهّمُ في تأسيس تحالف دولي، إثارة الفتنة وتعميق الخلاف والنزاع ، وصنع تاريخ قتل ودماء بين دول المنطقة وشعوبها . يتألم الشعب العراقي حين يتذكّر بأن غزو بلاده انطلق من بلدان عربية .حصار بلاده وتجويعه كان بتعاون بلدان عربية. التحريض على الاستعجال في شّنْ الحرب على العراق و إخراجه من الكويت ، في وقت كانت تبذل فيه فرنسا جهودا دبلوماسية ، كان من قبل بلد عربي ! ولكن المقومات المشتركة بين شعوب العرب وشعوب المنطقة ، وصفة التسامح التي ورثتها شعوب المنطقة من دياناتهم المشتركة وحضاراتهم تنتصر على على مقالب الشياطين ، وترجّحُ كفّة الحق .
ثانياً، تتعمّد امريكا في العمل عسكرياً وسياسياً من خلال تحالف، وتجدُ في أسلوب او صيغة التحالفات ،وسيلة لترسيخ دورها وهيبتها وهيمنتها وقيادتها . مناسبة للإدارة الأمريكية ان يُسّمى ”التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة الإرهاب” : “التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر”، وهكذا. أَولمْ يدعو الرئيس الفرنسي ماكرون إلى تأسيس تحالف دولي بقيادة امريكا لمحاربة حماس؟ بَيدَ أنَّ هذا التحالف هو واقع حال، ولكن دون مأسسة إعلاميّة و دون تصريح ، وقد يكون المانع هو تفادي الخزي والعار ولعنة التاريخ على أمم اجتمعت وتحالفت على ابادة أطفال و نساء ،و بأسلحة مُحرّمة دولياً وأخلاقياً .
ثالثاً، تتعمّد أمريكا توريط الدول، وبعض عملاء المنطقة، في ارتكاب جرائمها ، كي لا تتحمّل بمفردها وزر افعالها و جرائمها . ما تقوم به في شرق سوريّة: احتلال وسرقة نفط وثروات وبالتعاون مع قوات سوريّة الديمقراطية (قسد) عملائها في المنطقة، تأسيس الجماعات الارهابية التكفيرية في افغانستان وفي العراق وفي سوريّة وفي لبنان، وبالتحالف مع بعض دول المنطقة ، التي انخرطت ،مُكرهه او راغبة، في مشروعها.
صفة التوريط غالباً ما تُقترنْ بالسياسة الامريكة، وخاصة في منطقتنا.
لن تنجحْ امريكا في تشكيل تحالف بحري ضّدَ اليمن .
أعلنت مصر صراحة أنها لن تكون في اي تحالف ضّدَ اليمن، و لا أظّنْ بأن تعود المملكة العربية السعودية إلى الوراء في أحوالها مع اليمن، و بعد أنْ أرست مقومات الهدنة ومسار السلام، وكذلك البحرين . ستتساءل الدول العربية، و التي تدعوها امريكا للانضمام لتحالف بحري ، ضدَّ اليمن، لماذا هذا التحالف وجميع أساطيل الدول الغربية تجوب مياه المنطقة ،ومنذ عملية طوفان الأقصى ؟
نحن نجيب على هذا التساؤل، ونقول لأنَّ لأمريكا تلك المآرب، التي ذكرناها أعلاه، مِن وراء سياسة التحالف .