تاريخ ومزارات

المدرسة المستنصرية.. أعرق مركز علمي وثقافي في الدولة العباسية

أسماء صبحي
المستنصرية مدرسة عريقة أسست في زمن الدولة العباسية في بغداد عام 1233 على يد الخليفة المستنصر بالله العباسي، وكانت مركزًا علميًا وثقافيًا هامًا تقع في جهة الرصافة من بغداد.
 
وشيدت “المستنصرية” على مساحة 4836 متراً مربعاً تطل على شاطئ نهر دجلة بجانب “قصر الخلافة” بالقرب من المدرسة النظامية، وكانت تتوسط المدرسة نافورة كبيرة فيها ساعة المدرسة المستنصرية، وهي ساعة عجيبة غريبة تعد شاهداً على تقدم العلم عند العرب في تلك الحقبة من الزمن تعلن أوقات الصلاة على مدار اليوم.
 

بناء المدرسة

وتتألف المدرسة من طابقين شيدت فيهما مائة غرفة بين كبيرة وصغيرة إضافة إلى الأواوين والقاعات.
 
وقد عنيت هذه المدرسة بدراسة مختلف العلوم النقلية والعقلية على نحو لم يسبق من قبل في غيرها وكانت مدة الدراسة في المستنصرية عشرة أعوام وتضم عدة أقسام منها علوم القرآن والسنة النبوية والمذاهب الفقهية والنحو وعلم الفرائض والتركات ومنافع الحيوان والفلسفة والرياضيات والصيدلة والطب وعلم الصحة.
 

الدراسة الفقهية

وهي أول جامعة إسلامية جمعت فيها الدراسة الفقهية على المذاهب الاربعة (الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي) في “مدرسة واحدة” أما المدارس الفقهية التي قبلها فاختصت كل واحدة منها بتدريس مذهب معين من هذه المذاهب.
 
وبعد انتهاء الدراسة يمنح الطالب شهادة التخرج التي تؤهله للتوظيف في دواوين الدولة، وكان يتولى إدارة المدرسة المستنصرية ناظر يختار من بين كبار موظفي الدولة يعاونه عدد من المساعدين، ويأتي في مقدمتهم المشرف وهو كالمراقب المالي أو المفتش المالي والكاتب والخازن، وعدد من العمال والخدم الذين يخدمون المدرسين والطلاب، ويعد عبد الرحمن التكريتي أول من تولى منصب نظارة المدرسة المستنصرية؛ حيث عين في اليوم التاسع من شهر رجب سنة 631 هـ/ 1233م.
 

توقف الدراسة

وتوقفت الدراسة بها وبغيرها من مدارس بغداد؛ بسبب تدمير تيمورلنك لبغداد مرتين الأولى سنة (765 هـ/1392م) والأخرى في سنة (803 هـ/1400م)؛ حيث قضى تيمورلنك على مدارس بغداد ونكل بعلمائها وأخذ معه إلى سمرقند كثيراً من الأدباء والمهندسين والمعماريين.
 
كما هجر بغداد عدد كبير من العلماء إلى مصر والشام وغيرها من البلاد الإسلامية، وفقدت المدرسة المستنصرية بعد هذه الهجمة الشرسة مكتبتها العامرة، وظلت متوقفة بعد غزو تيمورلنك نحو قرنين من الزمن حتى أفتتحت من جديد للدراسة عام (998 هـ/1589م)، ولكن لم يدم ذلك طويلاً إذ عادت وأغلقت أبوابها في عام (1048 هـ/1638م).
 
ومن ثم فتحت مدرسة الآصفية في مكانها، وكانت مدرسة الآصفية من مرافق المدرسة المستنصرية، وجدد عمارتها الوزير داود باشا والي بغداد في عام (1242 هـ/ 1826م)، وسميت بالآصفية نسبة إلى داود باشا الملقب بآصف الزمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى