كيف ساهمت قبائل مكناسة في بناء حضارة المغرب والأندلس؟
دعاء رحيل
قبائل مكناسة هي من القبائل الأمازيغية العريقة التي لها تاريخ طويل ومجيد في المغرب العربي. تنتمي قبائل مكناسة إلى فرع الزناتة من البربر، وتعود أصولها إلى إقليم طرابلس وجنوب تونس، حيث كانوا يسمون بالمكانسة أو المكانسا. لكنهم هاجروا في وقت ما قبل الإسلام إلى الغرب، واستقروا في مناطق مختلفة من الجزائر والمغرب.
تاريخ قبائل مكناسة
قبائل مكناسة كانت من أوائل القبائل التي اعتنقت الإسلام في المغرب، وشاركت في فتح بلاد الأندلس مع طارق بن زياد سنة 711م. بعضهم استوطن في شمال قرطبة، وأسس سلالة بنو الأفطس في بطليوس في القرن الحادي عشر¹. بعضهم الآخر شارك في انتفاضة ميسرة ضد الأمويين سنة 739-742م، وانضم إلى فرقة الخوارج، وأقام إمارة سجلماسة على حدود الصحراء. هذه الإمارة كانت مركزًا تجاريًا هامًا بين المغرب والسودان، وشهدت ازدهارًا اقتصاديًا وثقافيًا. كما كان لها دور عسكري في صد هجمات الفاطميين على المغرب.
لم تخضع لحكم المرابطين، بل كانت حلفاء لهم في مواجهة الفاطميين والأمويين. لكنها تعرضت لهجوم من قبيلة المغراوية، التي كانت تدعم الأمويين، وأخرجت من سجلماسة سنة 980م. بعد ذلك، تفرقت قبائل مكناسة في مناطق مختلفة من المغرب، وخصوصًا في منطقة تازة، حيث أسست إمارة مكناسة. هذه الإمارة استمرت حتى سقوطها أمام الموحدين سنة 1146م.
كما أن لها إسهامات كبيرة في تاريخ المغرب والأندلس، سواء في المجالات العسكرية أو السياسية أو الثقافية. من أشهر شخصيات قبائل مكناسة: ابن خالدون، المؤرخ والفيلسوف والدبلوماسي؛ ابن رشد، الفيلسوف والطبيب والفقيه؛ ابن تومرت، مؤسس الدولة الموحدية؛ ابن عزّور، شاعر وأديب؛ ابن الأفطس، ملك بطليوس؛ وغيرهم من العلماء والأدباء والقادة.