مجزرة قبيلة العوفية: وصمة عار أبدية في تاريخ الاستعمار الفرنسي
![مجزرة قبيلة العوفية](https://sqawoa.com/wp-content/uploads/2024/12/8542aa4e24815197b6f38d424ebd4580_XL.jpg)
بعد مرور 188 عامًا على مجزرة قبيلة العوفية في الحراش بالجزائر العاصمة، لا تزال هذه الجريمة الدموية التي ارتكبها الجيش الفرنسي شاهدة على بشاعة الاستعمار. أودت هذه المذبحة بحياة 1200 جزائري، لتبقى جريمة ضد الإنسانية ووصمة عار تلاحق تاريخ فرنسا الاستعماري.
تاريخ مجزرة قبيلة العوفية
أكد مؤرخون وباحثون أن مذبحة قبيلة العوفية التي وقعت في 6 أبريل 1832 تعد أول عملية إبادة جماعية وحشية نفذها الجيش الفرنسي بقيادة الدوق دو روفيغو، المعروف بلقب “السفاح”. كما صنفت هذه الجريمة ضمن أبشع الجرائم ضد الإنسانية التي لا يمكن نسيانها أو إسقاطها بالتقادم. وأوضح المؤرخ الدكتور جمال يحياوي أن هذه المجزرة تعكس السياسة الاستعمارية التي اعتمدت الإبادة الجماعية لتسهيل السيطرة على الأراضي والممتلكات. حيث اعتقد الفرنسيون أن محو العنصر البشري سيخدم أهدافهم التوسعية.
لم تكن أهداف المجزرة تتوقف عند القتل فقط، بل تضمنت ترهيب القبائل الأخرى وثنيها عن الانخراط في المقاومة الشعبية. وأشار المؤرخ يحياوي إلى أن الدوق روفيغو أمر بإبادة القبيلة بالكامل بسبب اتهامهم دون دليل بسلب هدايا كانت موجهة له. هذا الاتهام كان ذريعة لتنفيذ الجريمة،.حيث أقدم الجيش الفرنسي على تدمير القبيلة بوحشية.
وفي هذا الصدد ذكر الدكتور يحياوي أن الجنرال دي روفيغو كان شخصية عسكرية دموية، إذ سبق له أن أمر بقتل 4000 جزائري بعد رفضهم تحويل جامع كتشاوة إلى مركز عسكري في 1831. وأكد أن هذه المجزرة جزء من سلسلة جرائم نفذها روفيغو المعروف بسجله الدموي وتعطشه للقتل.
كما أوضح الباحثون أن المؤرخين الفرنسيين من الأجيال الحديثة أصبحوا يخجلون من تاريخ أجدادهم في الجزائر، رغم محاولاتهم الانتقائية لإخفاء الحقائق. وأشار إلى كتب مثل “استعمار… إبادة” لأوليفييه لوكور غرانميزون التي كشفت دوافع المجازر، ومنها مجزرة العوفية. وأظهرت الوثائق أن شيخ القبيلة كان يهرب جنودًا فرنسيين رفضوا تنفيذ الجرائم، مما دفع الجيش الفرنسي لقطع رأسه وإرساله إلى باريس كرسالة ترهيب.
أسباب أخرى وراء هذه المجزرة
كما أوضح المؤرخ، كانت رفض القبيلة التعامل مع الجيش الفرنسي أو تقديم مواردها من الخيول والثروات الحيوانية لدعم الحملات الاستعمارية. وأضاف المؤرخ محمد القورصو أن المجزرة تجاوزت حدود الوحشية، حيث هاجم الجيش الفرنسي القبيلة فجراً وقتل الجميع دون تمييز.
أفاد القورصو أن الضباط الفرنسيين كانوا يوثقون جرائمهم بمذكرات ومراسلات تشير بفخر إلى تفاصيل الإبادات والغنائم. واستشهد بشهادة الضابط بيليسيي الذي أقر بأنهم قتلوا كل ما كان حيًا دون تمييز بين الرجال والنساء أو الأطفال، مما يعكس العقلية الدموية التي قادت هذه الجريمة البشعة.