قبائل الهون.. أصولها وتحركاتها
تعرضت الإمبراطورية الرومانية لغزوات القبائل التيتونية التي زحفت من موطنها الأصلي في شبه الجزيرة الاسكندنافية والتي ساهمت بشكل الإمبراطورية. وقد أطلق الرومان على هذه القبائل اسم الجرمان التي تشير إلى اســــم احدى القبائل التيتونية، كما أطلقوا عليهم اسم البرابرة التي لا تعني في الاصل الهمج أو المتوحشين بل تشير في الأصل اللاتيني إلى أولئك الناس الذين لا يتكلمون اللغة اللاتينية واللغة اليونانية، ولكن بمرور الوقت والزمن اصبحت هذه اللفظة تطلق على الذين تختلف حضارتهم أو نقل شأناً عن الحضارة اليونانية والرومانية. واخيراً اطلقت على اولئك المتخلفين حضارياً أو الذين تعوزهم صفات واخلاق المجتمع المتمدن. بدأت القبائل الجرمانية في التحرك باتجاه نهري المراين والدانوب من اماكن سكناها حول بحر البلطيق حوالي 500 ق . م و واستمرت حركتها هذه مدة خمسة قرون دون توقف. كما كان الرومان خلالها منهمكين في حل مشكلاتهم الداخلية وفي فتوحاتهم الخارجية، فلم يكترثوا كثيراً لهؤلاء الجرمان البعيدين عنهم الذين يعرفون عنهم إلا الشيء القليل.
قبائل الهون.. اصولها وتحركاتها
وفي هذا الصدد قال دكتور ثامر محمد علي أستاذ التاريخ بالجامعة المستنصرية. أن هذه القبائل كانت خلال القرون الثلاثة التي سبقت سقوط الإمبراطورية. تعاني من خلافات ومشاكل قبلية بحيث مكنت الحكومة الرومانية لفترة طويلة من استخدام احدى القبائل ضد الأخرى وتحريك زعيم ضد آخر. يمكنه الحفاظ بنوع من السيطرة والنفوذ عليهم. والملاحظ انه خلال تلك القرون لم تحدث مشاكل بين هذه القبائل والامبراطورية. بل كانت علاقتهم جيدة إذ استقروا على حدود الإمبراطورية واصبحوا مزارعين في الحقول الرومانية، فيما خدم بعضهم في الجيش الامبراطوري.
ومع مطلع القرن الرابع الميلادي تغيرت العلاقات بين الجرمان والرومان، إذ انتهى عهد السلم بينهم. لأسباب عدة أهمها الضغط الذي تعرضت له القبائل الجرمانية نفسها من جراء زحف قبائل الهون الأسيوية. نحو أراضيها المر الذي اضطرها إلى التوغل في الأراضي الروماينة. فضلاً عن تزايد ضعف الإمبراطورية الرومانية. وافتضاح امر هذا الضعف امام القبائل الأمر لذا شجعها على الاستفادة من الفرصة المتاحة أمامها.
قبائل الهون الأسيوية
وهي من القبائل الاسيوية التي تسكن منطقة السهوب الاسيوية، وكان الهون يعتمدون على الرعي في معيشتهم. فيتبعون العشب جنوباً في الشتاء، وشمالاً في الصيف. وهؤلاء ماهرون في ركوب الخيل وفي القتال والطعن من على ظهورها، وقد أكسبهم هذا تفوقاً على خصومهم، وبما إنه كانت معيشتهم تعتمد على الرعي فإنها كانت مهددة بالجفاف من وقت لآخر. وحتى ما فشلوا في سد حاجاتهم اندفعوا بسرعة وعنف في مهاجمة من يجاورهم من الشعوب. واغلب الظن ان وسط اسيا عانت فترة من الجفاف طويلة امتد على مدى أربعة قرون.
كما بدأ الهون تحركهم من مناطقهم في منتصف القرن الأول قبل الميلاد متجهين في بادئ الأمر نحو الحدود الصينية ولكن قدرة الاباطرة الصينيون وقوة الاستحكامات الممتدة من اطراف شمال الصين إلى تركستان الشرقية. كما أنقذت الصين من دمار محتم. لذا اتجهوا إلى الغرب. ووصلت بها إلى أوربا في القرن الرابع فاكتسحوا مملكة الغوط الشرقيين في جنوب روسيا واخضعوا قبائلها لهيمنتهم سنين طويلة، ثم واصل الهون زحفهم غرباً وهاجموا الغوط الغربيين والوندال. الأمر الذي دفع هؤلاء إلى الفرار والاحتماء بحدود الإمبراطورية الرومانية.