كيف ساهمت قبائل تادلا في نشر الإسلام والمذهب المالكي في المغرب؟
دعاء رحيل
قبائل تادلا هي مجموعة من القبائل العربية والأمازيغية التي تسكن منطقة تادلا في وسط المغرب. تتميز هذه المنطقة بتنوعها الجغرافي والثقافي والتاريخي، فهي تضم سهولا خصبة وجبالا شاهقة ونهرا عظيما هو أم الربيع. كما تضم قبائل تادلا مدنا وقصورا وزوايا ومساجد تشهد على مجدها السابق وحضارتها الزاخرة.
تاريخ قبائل تادلا يعود إلى العصور القديمة، فقد ذكرت المصادر التاريخية والجغرافية أن هذه المنطقة كانت مأهولة بالسكان منذ الفتح الإسلامي للمغرب. وقد استقر فيها عدة قبائل من أصول عربية مختلفة، مثل بنو زمور وورديغة وبنو خيران والسماعلة وبنو عامر وبنو موسى. كما استقر فيها قبائل أمازيغية من أصول صنهاجية وزناتية، مثل آيت سري وآيت عطا نومالو وآيت بوزيد وآيت عياد وآيت عتاب. وكانت هذه القبائل تعيش في حالة تحالف وتعاون مع بعضها البعض، أو في حالة صراع ونزاع مع قبائل أخرى.
أبرز الأحداث التاريخية التي شهدتها قبائل تادلا هي:
– عصر الأدارسة: كانت قبائل تادلا من أوائل القبائل التي نصرت دولة الأدارسة، التي أسسها إدريس بن عبد الله في نهاية القرن الثامن الميلادي. وكان لقبائل تادلا دور هام في مواجهة الخلافة العباسية، التي حاولت استعادة المغرب من يد الأدارسة. كما كان لقبائل تادلا دور بارز في نشر الفكر المالكي في المغرب، بفضل جهود علماء مثل سحنون بن سعيد، الذي درس في قصبة تادلا.
– عصر المرابطين: كانت قبائل تادلا من بين القبائل التي انضمت إلى حركة المرابطين، التي أسسها يحيى بن إبراهيم في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي. وكان لقبائل تادلا دور فعال في محاربة الأميرات المستقلة، التي حكمت بعض المدن المغربية. كما كان لقبائل تادلا دور مشهود في مواجهة التهديدات الأجنبية، مثل غزوات الموحدين من جهة، والصليبيين من جهة أخرى.
– عصر الموحدين والمرينيين والوطاسيين: كانت قبائل تادلا من بين القبائل التي قاومت الدولة الموحدية، التي أسسها عبد المؤمن بن علي في منتصف القرن الثاني عشر الميلادي. وكانت قبائل تادلا تتبع مذهب الأشعرية في العقيدة، والمالكية في الفقه، والجنيدية في التصوف. كانت قبائل تادلا تحظى بحماية ودعم من الدولة المرينية، التي أسسها عبد الحق بن محمود في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي. وكانت قبائل تادلا تشارك في الجهاد ضد الاستعمار البرتغالي والإسباني، الذي حاول احتلال بعض الموانئ المغربية. كما كانت قبائل تادلا تتعاون مع الدولة الوطاسية، التي أسسها يغموراسن بن زيان في أوائل القرن الثالث عشر الميلادي. وكانت قبائل تادلا تستفيد من التجارة والزراعة والصناعة في هذه الفترة.
– عصر السعديين: كانت قبائل تادلا من بين القبائل التي انخرطت في حركة الجهاد ضد البرتغاليين، التي قادها محمد بن عبد الله، الملقب بالمهدي، في منتصف القرن السادس عشر الميلادي. وكان لقبائل تادلا دور مهم في معارك مثل معركة وادي المخازن²، التي أسفرت عن هزيمة ساحقة للبرتغاليين. كما كان لقبائل تادلا دور بارز في نصرة الدولة السعدية، التي أسسها أحمد المنصور، الملقب بالذهبي، في نهاية القرن السادس عشر الميلادي. وكانت قبائل تادلا تشارك في حروب ضد الأتراك والإسبان والإنجليز.
– عصر الزاوية الدلائية: كانت قبائل تادلا من بين القبائل التي اتخذت من زاوية سيدي إبراهيم بن دلا، المعروفة بزاوية دلا، مركزًا لحركة إصلاحية وجهادية ضد الفساد والظلم في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي. وكان لقبائل تادلا دور فاعل في نشر دعوة سيدي إبراهيم بن دلا، التي اعتمدت على مذهب ابن تومارت، مؤسس حركة الموحدين. كما كان لقبائل تادلا دور حاسم في مواجهة هجمات سلاطين فاس.