قبائل و عائلات

قبيلة البرقو: مثال على التعايش والتعاون بين الشعوب النيلية

دعاء رحيل

قبيلة البرقو هي إحدى القبائل النيلية التي تنتشر في مناطق واسعة من شرق وغرب السودان وشرق تشاد وجنوب ليبيا. يعتبر البرقو من أقدم الشعوب التي سكنت هذه المناطق، ولهم تاريخ غني وثقافة متميزة. في هذا المقال، سنتعرف على أهم محطات تاريخ قبيلة البرقو، وأبرز خصائص ثقافتهم ولغتهم.

أصل قبيلة البرقو

لا يوجد إجماع على أصل قبيلة البرقو، فهناك من يرجعهم إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وهناك من يعتبرهم من أصول أفريقية. ما يؤكد أن البرقو من الشعوب النيلية هو تشابه لغتهم مع لغات شعوب نيلية أخرى، مثل المساليت والفور والزغاوة. كما يشير اسمهم إلى علاقتهم بالنيل، فكلمة “برقو” تعني “الناس” أو “القوم” بلغتهم، وهي مشتقة من كلمة “بر” التي تعني “النهر” أو “الماء”.

تاريخها

لها تاريخ عريق في المنطقة، فهم سادوا سلطنة وداي الإسلامية لأكثر من 400 سنة، منذ عام 1635 حتى عام 1912. كانت سلطنة وداي إحدى أكبر الممالك في إفريقيا، وامتد نفوذها من بحيرة تشاد إلى سلطنة دارفور. كان للبرقو دور بارز في نشر الإسلام في المنطقة، وفي محاربة التدخلات الأوروبية. آخر سلاطين البرقو هو جودة، الذي حكم حتى عام 1912، حيث اضطر للاستسلام للاحتلال الفرنسي.

ثقافتها

ثقافة قبيلة البرقو تعكس تنوع مصادر رزقهم وتأثيرات المجتمعات المجاورة لهم. يعمل غالبية البرقو بالرعي والزراعة والتجارة، حيث يستغلون الموارد المائية في محيطهم. يزرعون الدخن وأنواع مختلفة من الحبوب، ويربون قطعان من الماشية والإبل والأغنام. كما يشاركون في التجارة مع شعوب أخرى، مثل التجانية والزغاوة والفور.

ثقافتها تتسم بالحفاظ على التراث والعادات التي اشتهروا بها. يحتفظون بزيهم التقليدي، الذي يتكون من عباءة بيضاء وطربوش أحمر للرجال، وثوب ملون وحجاب للنساء. كما يحافظون على فنونهم الشعبية، مثل الغناء والرقص والشعر. يعتزون بلغتهم الأم، التي تسمى المبا أو البرقو، والتي تنتمي إلى الفرع الشرقي من اللغات النيلية. تتميز لغة البرقو بأنها لا تحتوي على نص مكتوب أو رمزي، بل تعتمد على التحدث والاستماع. لكن في الآونة الأخيرة، بدأ بعض البرقو باستخدام أحرف عربية ولاتينية لتدوين لغتهم.

قبيلة البرقو هي شعب نيلي يفخر بتاريخه وثقافته، ويسعى للحفاظ على هويته في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة. يعيش البرقو في سلام وتعاون مع شعوب أخرى، ويسهمون في تطور وازدهار المجتمعات التي ينتمون إليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى