المزيد

مقبرة للأحياء في تونس.. تعرف على عادة غريبة وفريدة ترجع إلى القرون الوسطى

دعاء رحيل

مقبرة للأحياء في تونس.. هل تخيلت يوماً أن تختار قبرك قبل أن تموت؟ وهل ترغب في أن تعرف مكان دفنك قبل أن تودع الحياة؟ هل تستعد للموت بشكل يومي؟ إذا كانت إجابتك نعم، فربما تشارك عادة غريبة وفريدة من نوعها مع أهالي مدينة “تستور” الواقعة في ولاية “باجة” شمال غربي تونس، حيث يقومون ببناء مقابر لأنفسهم قبل أن يفارقوا الدنيا، انطلاقاً من عادات وممارسات أندلسية قديمة.

 ما هي عادة وجود مقبرة للأحياء في تونس؟

هذه العادة التي تعود إلى القرون الوسطى، تقتضي أن يختار كل شخص قبره في ساحة خاصة تسمى “النّارنج” أو ساحة “برتقال إشبيليا”، وهي مقبرة قديمة تتميز بقبورها الفارغة، ويزخرف القبر بالطريقة الأندلسية القديمة، ويضع عليه شاهدة تحمل اسمه وتاريخ ميلاده، ويترك مكان فارغ لكتابة تاريخ وفاته. ويرون أهالي هذه المدينة أن هذه العادة نابعة من أصل التعاليم الإسلامية الحنيفة من جهة، ومن جهة أخرى، يعدّونها دليلاً على استعدادهم للموت في أي وقت.

 ما هو سبب ظهور هذه العادة؟

لا يوجد إجابة واضحة عن سبب ظهور هذه العادة، لكن هناك بعض الروايات التاريخية التي تشير إلى أصولها. إحدى هذه الروايات تقول إن الأشخاص الذين فروا من الأندلس بعد سقوط مملكة “غرناطة” عام 1492، كانوا يعانون من اضطهاد وظلم من قبل المسيحيين، وأن بعضهم قُتِلَ وجثثه ظلت أياماً طويلة بدون دفن. لذلك، قرروا الأشخاص الذين ظلوا على قيد الحياة في المغرب العربي، أن يجهزوا قبورهم قبل أن يحل بهم نفس المصير. كما يقول رئيس جمعية صيانة مدينة تستور رشيد السوسي: ” نحن بهذه العادة نعبّر عن استعدادنا للموت في أيّ وقت، فهذا \”المنزول\” يذكّرني دائماً بالآخرة، وبأن أعمل صالحاً لملاقاة ربّي”.

 ما هي فوائد هذه العادة؟

هذه العادة لها فوائد عديدة، منها:

– تذكير النفس بالموت والآخرة، والحث على العمل الصالح والتقرب من الله.
– تسهيل عملية الدفن وتجنب المشاكل التي قد تحدث في حالة الموت المفاجئ أو في ظروف مناخية سيئة.
– تعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية، حيث يزور الأقارب والأصدقاء قبور بعضهم البعض، ويتبادلون التهاني والتعازي في المناسبات.
– المحافظة على التراث الثقافي والتاريخي للمدينة، وإبراز جمالية الفن الأندلسي في العمارة والزخرفة.

 ما هي ردود الفعل على مقبرة للأحياء في تونس؟

مقبرة للأحياء في تونس هذه العادة تثير اهتمام وفضول الزوار والسياح الذين يأتون إلى مدينة “تستور”، ويستغربون من رؤية مقبرة للأحياء. بعضهم يعجب بالفكرة ويحترمها كجزء من التنوع الثقافي، وبعضهم يشعر بالخوف أو الحزن من مواجهة الموت بهذه الطريقة. كما يقول أحد السياح: ” أنا أحس بشيء غريب عندما أرى هذه المقبرة، فهي تجعلني أفكر في حتمية الموت، ولكن في نفس الوقت تجعلني أقدر الحياة أكثر”.

مقبرة فريدة.. ولكن للأحياء وليست للأموات! هذا هو شعار أهالي مدينة “تستور” التونسية، الذين يختارون قبورهم قبل أن يغادروا هذه الدنيا. هذه العادة التي تعود إلى عصور قديمة، تعكس جانباً من ثقافة وتاريخ هذه المدينة، وتشير إلى مدى ارتباطهم بالدين الإسلامي والفن الأندلسي. هذه المقبرة تجذب انتباه الزوار والسياح، وتثير في نفوسهم مشاعر مختلفة، من بينها التأمل في الموت والحياة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى