تاريخ ومزارات

بدر الدين لؤلؤ: الخائن الذي باع الموصل وأسلم بغداد للمغول

بدر الدين لؤلؤ بن عبد الله شخصية تقف عندها كتب التاريخ طويلا فهو الرجل الذي جمع بين الحيلة والدهاء وبين الولاء المتقلب والمصلحة المطلقة نشأ مملوكا بلا نسب معروف حيث اشتراه نور الدين أرسلان شاه الأول حاكم الموصل الزنكي في أواخر القرن السادس الهجري ورباه في قصره حتى صار من كبار رجاله ثم استأثر بالسلطة شيئا فشيئا حتى أحكم سيطرته على المدينة وأسس الدولة الأتابكية الثانية فيها.

من هو بدر الدين لؤلؤ؟

بعض المؤرخين نسبوه إلى سيده الزنكي فلقبوه بالنوري وآخرون وصفوه بأنه رومي بينما ذهب أبو شامة إلى أنه أرمني الأصل غير أن أصوله لم تكن موضع تركيز كبير فالعادة كانت أن يُشترى المماليك صغارا فينشؤون في قصور أسيادهم ويشكلون نواة القوة لديهم.

 

بدر الدين عاش في حقبة مليئة بالتغيرات وشهد عصور السلاجقة والزنكيين والأيوبيين وحتى بداية التوغل المغولي في المنطقة فاستغل التصدع داخل البيت الزنكي ليصعد سياسيا وعسكريا وقد اختلفت الروايات حول شخصيته إذ وصفه ابن الفوطي بأنه عاقل حازم كريم لكنه أيضا كثير القتل والتشويه أما كتاب الفخري فنعته بأنه لا يقرأ ولا يكتب رغم أنه كان يحضر مجالس العلماء ويشجع النشاط الثقافي في الموصل وهو ما جعله قائدا مثيرا للجدل في زمانه.

 

ثقة نور الدين أرسلان شاه به كانت كبيرة بحسب ما ذكره ابن الأثير حيث جعله يدبر المملكة ويحمي أبناءه وبعد وفاة سيده تولى بدر الدين شؤون الوريث القاصر عز الدين مسعود الثاني الذي سرعان ما عُزل عن الناس بطريقة مريبة ليتوفى لاحقا في ظروف أثارت الشكوك حول دور بدر الدين في اختفائه.

 

واجه مقاومة من داخل البيت الزنكي ممثلة في عماد الدين زنكي ومظفر الدين كوكبرى غير أنه تعامل بدهاء وتحالف مع الخليفة العباسي المستنصر والأيوبيين وزوج ابنتيه لقيادات قوية في المنطقة حتى تخلص من أبرز منافسيه وعلى رأسهم ناصر الدين محمود حاكم الموصل حينها فأصبح هو الحاكم الشرعي وتلقى لقب الملك المسعود بعد أن أرسل له الخليفة العباسي خلعة السلطنة.

 

بدأ بعد ذلك في التوسع العسكري فسيطر على سنجار ونصيبين وماردين عام 646هـ لكنه وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الخطر الأكبر وهو المغول بقيادة هولاكو حاول تكوين جبهة لصدهم لكنه فشل وعندما حاصرت جيوش المغول بغداد وطالبوه بالمشاركة أرسل جيشا بقيادة ابنه لكنه تعمد أن يتأخر حتى تسقط المدينة دون تدخل حقيقي.

 

بعد سقوط بغداد خضع بدر الدين لهولاكو في همذان وهناك أكرمه الأخير بسبب كبر سنه لكنه عاد إلى الموصل وهو يعاني من المرض ولم يلبث أن توفي سنة 657هـ عن نحو ثمانين عاما ودُفن في القلعة ثم نقل رفاته إلى مدرسته البدرية المطلة على نهر دجلة.

 

تولى الحكم من بعده ابنه الملك الصالح ركن الدين إسماعيل الذي سار على درب والده في خدمة المغول فكان جزءا من حملاتهم في الشام حتى قتل عام 660هـ لتنتهي بذلك صفحة رجل لعب أدوارا كبرى في تاريخ الموصل لكنه سيبقى في نظر الكثيرين رمزا للخيانة والانتهازية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى