قبيلة الهمامة.. أشد المقاومين للاستعمار الفرنسي| اعرف تاريخها
دعاء رحيل
قبيلة الهمامة.. هي واحدة من أكبر وأشهر قبائل تونس، وتتميز بروح المغامرة والفروسية والتمسك بالإسلام. تنحدر هذه القبيلة من أصول عربية، وترجع تسميتها إلى جدها الأول همام. الذي كان من فرع زعب من قبائل بني سليم. تقطن قبيلة الهمامة في مناطق واسعة من ولايات سيدي بوزيد وقفصة ونفطة في الجنوب الغربي لتونس.
تاريخ قبيلة الهمامة
لم يذكر مؤرخو القرون الوسطى شيئاً عن قبيلة الهمامة، ولذلك فإن تاريخها الحديث محاط بالغموض. لكن يعتقد أن القبيلة نشأت من حلف قوي حول الأشراف من فيض همام من نسل الأدارسة بعد زوال ملكهم، وضم الحلف لفيفا من فروع قبائل عربية أخرى. كانت قبيلة الهمامة تعيش حياة بدوية رحلية، تطلب المراعي وتغار على قبائل الجوار. كان رجال القبيلة يتقنون فنون العرب من فروسية وقتال وجلد في الأسفار وتقفي للآثار وترويض للخيول، كما كانوا يشتهرون بالكرم وحسن الضيافة.
لعبت قبيلة الهمامة دوراً مهماً في النزاعات على السلطة في تونس، حيث كان بايات تونس يستنجدون بها لقتال خصومهم من قبائل أخرى. كان لها دور بارز في ثورة علي بن غذاهم عام 1864 ضد باي تونس محمد باي، التي اشترك فيها حلفاؤها من قبائل نفات. نجح علي بن غذاهم في إجبار المحمود باي على تقديم تنازلات لصالح المتظاهرين، لكن اختلافات داخلية أدت إلى انشقاق بعض فروع الهمامة عنه، فأسِرَ وقتِلَ.
كانت قبيلة الهمامة من أشد المقاومين للاستعمار الفرنسي، الذي فرضه الباي الصادق باي على تونس بمعاهدة باردو عام 1881. قدمت القبيلة العديد من القادة الميدانيين البارزين في حرب التحرير، مثل البشير بن سديرة ولزهر الشرايطي ومصباح لسود والسيد الغابري وصالح بن عبد الله فندولي وبلقاسم بن عمر الخصخوصي. نال بعضهم التشريد داخل ليبيا خوفاً من انتقام الفرنسيين، وآخرون استشهدوا في معارك عديدة.
بعد الاستقلال، تعرضت قبيلة الهمامة لتمزيق شملها إدارياً وإضعاف دور أكابرها والتحيل لقتل ثوارها. كما حصل مع لزهر الشرايطي، الذي اتهمه حبيب بورقيبة بالخيانة العظمى وأعدمه. تواصل تهميش القبيلة في عهد زين العابدين بن علي، حتى انطلقت منها شرارة ثورة 2011، التي أطاحت بالنظام الديكتاتوري، بعد أن أضرم محمد البوعزيزي نفسه في سوق سيدي بوزيد.
هوية قبيلة الهمامة
تستند هوية قبيلة الهمامة إلى عاملين أساسيين هما الفروسية والتمسك بالإسلام. يعَدُّ المثل “السرج واللجام والحياة على الإسلام” شعاراً للقبيلة، ويردده المولود في أذن رضيعه لحظة ولادته. يزَوَّدُ أطفال القبيلة بالأحصنة والأسلحة منذ صغرهم، لتنمية روح المغامرة والشجاعة فيهم. يكَافَأُ كل طفل يعود من مغامراته بغنائم مميزة، كهمامي أصيل. كان رجال القبيلة يشاركون في حروب دفاعية وهجومية، سواء داخل تونس أو خارجها، وكانوا يعَظِّمُونَ شأن المجاهدين والشهداء من أبناء قبيلتهم.
كانت قبيلة الهمامة تحافظ على تعاليم الإسلام، وتؤدي فروضها، وتزور المساجد، وتحترم المشائخ والأولياء. كان للقبيلة عديد من المزارات التي تشهد على تقوى أجدادها، مثل ضريح سيدي عثمان بولاد محفوظ في نفطة، وضريح سيدي عثمان بولاد مبروك في سكرة، وضريح سيدي عثمان بولاد حسان في قفصة.