تاريخ ومزارات

خبيرة في التراث تروي لـ “صوت القبائل” أسطورة دير الأنبا سمعان 

أسماء صبحي

كان للخليفة المعز لدين الله الفاطمي وزيراً يهودياً يعادي المسيحيين بشدة. وفي إحدى الجلسات الأدبية التي كان يعقدها الخليفة، حضر بطريرك الأقباط، إبرام بن زرعة السرياني، ومعه مجموعة من الأساقفة. يتباحثون فيها مع اليهود أمور الدين، وخلال الجلسة اتهم أحد الأساقفة اليهود بالجهل، ما أثار غضب الوزير اليهودي وأثرها في نفسه وقرر الرد على المسيحيين.

وبحث الوزير اليهودي حتى وجد آية في العهد الجديد من الكتاب المقدس تقول: (لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم). وذهب الوزير وعرضها على الخليفة، وكان الخليفة يرغب في التخلص من الجبل الكائن شرق القاهرة، أي جبل المقطم، فراقه الاقتراح.

وبعث الخليفة لبطريرك الأقباط يعلمه بطلب تحريك الجبل لإثبات صحة الآية وأمهله 3 أيام. فقامت الكنيسة كلها بالصوم والصلاة خلال تلك الفترة، وفي صباح اليوم الثالث ظهرت مريم العذراء للبطريرك. وأخبرته أن يخرج ليرى رجلاً يحمل جرة مياه سيكون هو المختار لإتمام المعجزة. وبالفعل توجه البطريرك لتنفيذ ما أخبرته به العذراء، وأثناء ذلك وجد إسكافي يدعى سمعان الخراز وأخبره بتلك المهمة. ووفقاً للأسطورة تمكن الخراز من نقل جبل المقطم من شرق القاهرة حتى مكانه الحالي. بعد حدوث زلزلة رهيبة وتحرك الجبل ليظهر في منطقة المقطم الحالي.

دير الأنبا سمعان

وتقول أميمة بكر، الخبيرة في التراث، إن دير الأنبا سمعان الخراز يقع في المقطم بمنطقة الأباجية في قلب القاهرة الفاطمية. ويتألف دير الأنبا سمعان الخراز من أربعة كنائس وهي “كاتدرائية السيدة العذراء والقديس سمعان الخراز. وكنيسة الأنبا إبرام بن زرعة السرياني، وكنيسة مار مرقس. وقاعة القديس سمعان الخراز التي تتسع لألفي شخص، وكنيسة الأنبا بولا أول السواح.

وأضافت بكر، أن فكرة بناء الدير جاءت عقب اكتشاف المغارة التي دفن بها القديس سمعان في عام 1974. من قبل بعثة من علماء الآثار القبطية الذين تمكنوا من العثور على مقبرة بها هيكل عظمي يعتقد أنه يعود لسمعان الدباغ. ورسم لصورة البطريرك وبرفقته رجل أصلع يملأ جرتي مياه، وقد أرجح العلماء أن الرجل هو سمعان الخراز. كما وجدوا وعاءاً نادراً يرجع تاريخ صناعته لما يزيد عن ألف عام. وأرجح العلماء أنه الوعاء الذي كان يستخدمه الخراز لنقل المياه لبيوت الفقراء.

وتابعت بكر، إن الدير يضم كل الاكتشافات التي وجدت في قبر سمعان الخراز. بالإضافة إلى لوحات جميلة نحتت في صخور جبل المقطم العاتية، والتي تتناغم مع الفن المعماري المميز الذي بنى به الدير.

بناء الدير

وأكدت الخبيرة في التراث، أن الدير بني بشكل تدريجي، بسواعد أبناء “حي الزبالين” بالمقطم. الذين نقلوا أكثر من مليونين ونصف المليون حجر لبناء الدير، واستمر العمل على بنائه حتى وصل لشكله الحالي

والآن أصبح الدير علامة بارزة في منطقة مصر القديمة ومحط أنظار السياح، التي تزوره للتمتع بجماله وبأصالة معماره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى