حوارات و تقارير

هل يُسرع العالم في تطبيق مخرجات قمة المناخ في شرم الشيخ؟

مع استمرار تداعيات المناخ المتطرف، الذي يضرب العديد من بلدان العالم الآن وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ليخلف العديد من الضحايا، أصبحت الحاجة ماسة لبحث تنفيذ مخرجات مؤتمر المناخ في نسخته 27 الذي انعقد بشرم الشيخ نوفمبر الماضي، خاصة أن التطرفات المناخية في الدول الغنية والتي تدفع الضريبة الآن، ربما لتأخرها في تمويل الدول النامية وعدم الوفاء بالتزاماتها.

أسباب استمرار تداعيات التطرف المناخي

يقول الدكتور هشام عيسى، عضو اتحاد خبراء البيئة العرب، والمنسق الوطني السابق لاتفاقية الأمم المتحدة، إن استمرار تداعيات فوضى المناخ المتطرف امتدت في كثير من الدول مثل السعودية والكويت وأمريكا، ولكن هذه ليست المرة الأولى لظهور تطرفات المناخ، فقد حدثت ظواهر مناخية حادة قبل مؤتمر المناخ 27، مثلما حدث في أوروبا سواء من جفاف الأنهار أو حرائق الغابات، وحاليًا الأرض أظهرت غضبها نتيجة إهمال الإنسان في الحفاظ على الكوكب.

ويؤكد عيسي أن استمرار الظواهر المناخية الحادة، تأتي نتيجة عدم دخول جميع مخرجات مؤتمرات المناخ السابقة ومنها مؤتمر 27 إلى حيز التنفيذ بالصورة التي تحقق طموحات البشرية، والسبب في عدم التنفيذ يعود إلى أن جميع المفاوضين على مستوى الدول المتقدمة والدول النامية أيضًا، أنهم مازالوا يبحثون كيفية تدبير التمويل الذي يعتبر الأساس في عملية مواجهة التغيرات المناخية.

وضع آليات لتنفيذ جميع مخرجات مؤتمرات المناخ

يشير الدكتور هشام عيسى إلى أن مؤتمر مناخ 27 بشرم الشيخ وجميع مؤتمرات المناخ السابقة، وجميع المبادرات التي صدرت عنها سواء مبادرات مصرية، أو غيرها من المبادرات الأخرى تجد صعوبة في تنفيذها لعدم التزام الدول الغنية بتعهداتها.

ويشير الدكتور هشام عيسى إلى أن الخطوة الأساسية للالتزام بتنفيذ المبادرات أن تتم من خلال الدول المتقدمة في ظل تطورات المناخ المتطرف، والتي يجب أن تقوم بدورها في خفض الانبعاثات هي والدول الأوروبية، خاصة أمريكا التي يجب أن تقوم بدورها الجاد من خلال قيام الأمم المتحدة بتوجيه كل دولة أن تضع خططا لخفض الانبعاثات.

ضرورة المراقبة للالتزام بتنفيذ خفض الانبعاثات

ويؤكد الدكتور هشام عيسى: بعد أن تحولت أضرار المناخ إلى الدول المتقدمة، هنا من الضروري وضع آليات لمراقبة الدول في حقيقة خفض انبعاثاتها، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية موقعها الجغرافي يسبب لها الكثير من المشاكل، حتى بدون أضرار تغيرات المناخ، حيث إن الموقع الجغرافي لأمريكا مملوء بالعواصف والأعاصير، التي زادت حدتها بشكل كبير نتيجة التغيرات المناخية، ورغم ذلك لم تقم بدورها حتى الآن في خفض الانبعاثات، ومازالت تقدم الوعود على أنها في 2050 ستصل لخفض الانبعاثات بنسبة كبيرة.

جهة رقابية محايدة لتنفيذ الالتزامات في خفض الانبعاثات

وفي سياق متصل يؤكد، أنه لا توجد آليات للرقابة على تنفيذ خفض الانبعاثات، خاصة أن الدول كثيرة مثل أمريكا، لم تفصح عن رقم خفض الانبعاثات، وفي نفس الوقت هي من ستقوم بقياسه وتنفيذه والمراقبة على نفسها، لذلك لابد من وجود آلية محايدة، لكي تتم مراقبة التزامات جميع الدول، خاصة الدول الأوروبية وتحديدًا الصين، حيث إننا يجب أن نضع في اعتبارنا الدول التي تسبب 80 % من هذه الانبعاثات.

“ولا يجب أن يكرر العالم ما حدث في مؤتمر كيوتو بروتوكول، حيث إنه في المرحلة الأولى التي انتهت في 2012، أشارت الدول الأوروبية أنها نفذت التزامتها، دون أن تقدم أي دليل على طرق تنفيذها وما هي التكلفة التي تم استخدامها ومتى تم تنفيذها؟، بالتالي لا يوجد ما يؤكد قيامهم بتنفيذ اتفاقيات مؤتمر كيوتو بروتوكول، لذلك لابد من وجود جهة رقابية محايدة تتبع الأمم المتحدة لمتابعة الالتزام بخفض الانبعاثات”.

لا توجد آلية للرقابة على تنفيذ التمويل

ويشير عيسى إلى أنه في المرحلة الحالية بعد مؤتمر مناخ الأطراف بشرم الشيخ فإن كثيرًا من الدول، وضعت خطط التزامات، لكنها التزامات بدون آلية للرقابة عليها، سواء من الدول المتقدمة والنامية أيضا، وتحديدًا عدم وجود آلية للرقابة على الدول المتقدمة في التمويل المناخي، والدليل أنه حتى الآن تتنازع الدول على 100 مليار للتمويل، رغم أن العالم ينفق تقريبًا مليار يوميًا على الحرب الأوكرانية.

متى تنجح المؤتمرات المناخية في مواجهة فوضى تطرفات المناخ؟

ويتابع الدكتور هشام عيسى، دائمًا نجاح المؤتمرات المناخية يرتبط بالوصول إلى صيغة تفاوضية واضحة، لها التزامات وأدوات رقابية على التنفيذ، ورغم ذلك جميع قرارات مؤتمرات المناخ ذات قرارات عامة، سواء في مجال الطاقة أو على مستوى التمويل، حيث لا يوجد ما يلزم الدول المتقدمة أو النامية في التنفيذ، لأن جميعها مبادرات أو نوايا حسنة فقط.

طرح الحلول مسبقًا قبل مؤتمرات المناخ لمواجهة تطرفات وفوضى المناخ

يضيف الدكتور هشام عيسى، أنه يجب قبل مؤتمر المناخ القادم، طرح خطوات تسبق عقد مؤتمر المناخ الأساسي، من خلال المؤتمرات التنسيقية المسبقة، ويجب أن يتم في هذه المؤتمرات التنسيقية ثلاثة سيناريوهات رئيسية تبدأ بفكرة التمويل من الدول المتقدمة، إلى الدول النامية، وهي فكرة لن يكتب لها النجاح إلا من خلال التالي:

1-مبادلة الديون من خلال أن تقوم الدول الفقيرة بتوجيه ديونها، إلى عمل مشاريع ترتبط بخفض الانبعاثات، مع وضع آلية للقياس لحقيقة التنفيذ، وفي المقابل مراقبة الانخفاض في الانبعاثات، أي وجود آلية قياس تربط ما بين خفض الانبعاثات وما بين المديونية التي سيتم حذفها من الدولة المتقدمة.

2-أن تتولى الدول المتقدمة قيادة خفض الانبعاثات، وأن تتولى كل دولة أو أكثر من الدول المتقدمة قيادة عدد من الدول النامية في مجموعة عمل واحدة، ويقدمون جميعًا خطة خفض انبعاثات، وبدلا من أن تكون خططًا وطنية بهذه الصورة تتحول إلى خطط إقليمية، تهدف إلى خفض الانبعاثات بنسبة معينة، وأن تقسم ما بينهم نسب خفض الانبعاثات.

3- مع وجود آلية رقابة محايدة تشكلها الأمم المتحدة، لحصر ما قدمته الدول من خطط، وما تم تنفيذه منها، مع ربط جميع هذه السيناريوهات مع بعضها البعض، لكي تصبح بدائل للحل أمام شدة المناخ المتطرف.

لا تنتظروا مؤتمر المناخ القادم

ويشير الدكتور هشام عيسى، إلى أنه يجب طرح الاقتراحات التي تلزم العالم بتنفيذ الالتزامات من خلال المبادرات التنسيقية التي تسبق مؤتمر المناخ، لأنه لا يوجد حل جذري في التطرف المناخي، ولكن سيحدث التحرك في حالة غلق النشاط الاقتصادي في العالم، وفي حالة حدوث أزمة اقتصادية على مستوى العالم، هنا سيضطر الجميع للجلوس، لإيجاد الحلول نظرا لحدوث فوضى مناخية حادة، لذلك لابد من طرح حلول أمام أي معوقات، على أن تكون قابلة للتنفيذ، وأن يتم طرح هذه الأفكار في المؤتمر التنسيقي القادم في فبراير، على مائدة المفاوضات، وأن تتشكل لها لجان لإمكانية وجود آليات يسهل تنفيذها وإلا ستستمر زيادة فوضى المناخ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى