تاريخ ومزارات

البحث عن يوسف موسى.. أول طبيب اشتغل في قنا منذ أكثر من قرن

في عام 1911 أصدرت مصلحة الصحة العمومية بمصر دليلا باللغة العربية، يضم أسماء الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان والبيطريين والكيمائيين والقابلات الأجانب والوطنيين الخريجات من مدرسة القابلات، التي أنشأها محمد علي عام 1832م، والمرخص لهم العمل في المحافظات المصرية ومزاولة مهنة الطب والصيدلة وفتح المعامل الكيمائية في الفترة من عام 1887 حتى 1910م.

مصلحة الطب المصرية

الكشف الذي حصل عليه “باب مصر” يضم أسماء الأطباء الأجانب، الذين رخصت لهم مصلحة عموم الصحة مزاولة مهنة الطب، حيث بلغ عدد الأطباء المرخص لهم حوالي 1500 طبيب أجنبي، و29 طبيبة، كما أن الكشف لم يحدد الجنسيات التي يتمتع بها كل طبيب، ولكن يضم الجدول اسم الطبيب، والجهة التي يعمل بها، ومحل الإقامة، ومدرسة الطب التي تخرج فيها، وتاريخ الترخيص له. لم يكن لصعيد مصر الحظ الأكبر من الأطباء الأجانب المرخص لهم للعمل فيها، ربما لبعد المسافة وعدم استقرار جاليات أجنبية بعينها، فنرى أن محافظات الصعيد لها طبيب واحد مثل أسيوط وقنا وأسوان والأقصر.

على سبيل المثال في محافظة قنا، كان الطبيب يوسف موسى الملقب بـ”كوسا” هو الطبيب الوحيد الذي رخص له العمل كطبيب في 15 مارس عام 1906 بمحافظة قنا، وحصل على شهادته من مدرسة الطب بمريلاند، هي إحدى الكليات لتدريس الطب في الولايات المتحدة الأمريكية. وأيضا الصيدلي أبوستول (قسطنطين) الذي ترخص له في 6 نوفمبر عام 1900م للعمل كصيدلي بمحافظة قنا، خريج مدرسة الأستانة، والقابلة أمنه سسن عليوة محل الإقامة محافظة قنا، إحدي القابلات الوطنيات الخريجات من مدرسة المحروسة عام 1905م.

قنا والأطباء

لم تذكر الكشوفات والمراجع التاريخية والطبية التي تناولت تاريخ محافظة قنا أي ذكر لهذه الأسماء، هل كانوا من المقيمين بالمحافظة ولا من ضمن الأطباء الرسميين لإحدى المستشفيات، حتى في دليل القطر المصري للمستشرق ماكس فيشر والمذكور فيه أسماء الأطباء والقضاة والحرفيين والمحاكم في كل مديرية من مديريات الجمهورية، لم يذكر أي معلومات أخرى سوى ما ذكره الكشف الموجود لدينا.

الكشف يوضح أن عدد الأطباء المصريين الذين حصلوا على دبلومات من الخارج بلغ عددهم 50 طبيبًا تخرجوا في مدارس الطب بفرنسا، وكان على المصري الحاصل على الدبلومات من الخارج لا يحق لهم مزاولة مهنة الطب في القطر المصري إلا إذا كانت أسماؤهم قد قيدت بمصلحة الصحة العمومية، ويشترط دائما في قيد أسمائهم بها أن يجتازوا بنجاح الامتحان المنصوص عليه في المادة الرابعة، ويجوز لوزير الداخلية بناء على طلب مصلحة الصحة العمومية أن يعفي من تأدية هذا الامتحان أساتذة مدارس وكليات الطب في الخارج المعتبرة في نظر الحكومة المصرية، وكذا الأطباء الذين اشتغلوا مدة خمس سنوات على الأقل في مستشفى تعتبره الحكومة المصرية من المستشفيات الكبرى في الخارج.

وبالنظر إلى حال الطب في القرن التاسع عشر، يقول الدكتور خالد فهمي، في كتابه “الحداثة والجسد”: إنه مر بعدة مراحل من حيث الممارسة الاجتماعية التي كانت تعتمد على حلاقين الصحة، وكانت موجودة في القرى وما بين الإصلاحات التي قام بها محمد علي خاصة في المجال الطبي، أشارت أغلب الدراسات إلى تناولت الطب في مصر خلال تلك الفترة أنه اعتمد على البعثات الأوروبية التي فتحت مجالا للأطباء الأوروبيين في مصر وخاصة فرنسا، ودور الرجال العظام في نقل علم ينظر إليه على أنه أوروبي، إلى بيئة جديدة فالكل يجمع الدور الريادي الذي لعبة الطبيب الفرنسي المعروف “كلوت بك”، والذي استعان به الباشا في إقامة مؤسسة طبيبة ترعى أحوال جيشه الجديد بعد تفشي الأمراض والأوبئة.

الطب الشعبي

بينما يرى أحمد عزت عبدالكريم في كتابه عن الطب، الذي صدر عام 1938م، أن الإصلاحات الطبية التي حدثت في مصر وخاصة في عهد محمد علي ساعدت على تغير مفهوم الطب الشعبي والبدائي السائد في المجتمعات المحلية المنغلقة، وسحب الجهل والخرافات المتأصلة في عقول الناس والتي كانت تؤدي في النهاية إلى هلاكه.

ويشير الكشف إلى الصيادلة الأجانب الذين حصلوا على تراخيص بفتح الأجزاخانات والبالغ عددهم 952 صيدليا موزعين على محافظات القطر المصري، بينما الصيادلة المصريين الذين حصلوا على دبلومات من الخارج عددهم 8 من فينا ومونيلية وبيروت. كان القانون ينص على أنه لا يجوز لأي شخص كان أن يمتهن مهنة “الأجزأجية” الصيدلي في القطر المصري ولا يصرح له بفتح صيدلية ولا تحضير أى دواء كان ما لم يكن حاصلاً على تصريح من مصلحة الصحة العمومية بمصر.

بينما بلغ عدد القابلات الأجنبيات 326 قابلة، والوطنيات أي المصريات 160 قابلة، ومدرسة القابلات كانت أول مدرسة للفتيات الولادة في عهد محمد علي باشا والتي يرجع السبب في إنشائها تفشي الجهل وسوء الحالة الصحية للأمهات حينها، وبدأت هذه المدرسة بعشر جاريات تحت إشراف قابلة من دار الولادة بباريس وطبيب مصري تخرج في فرنسا وأحد العلماء لإلقاء دروس الدين واللغة العربية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى