حوارات و تقارير

حكاية أول مضاد حيوي استخدمته البشرية.. زراعة “الثوم” وتاريخه

دعاء رحيل

اهتم الفراعنة بطب النباتات واستخدموه في علاج الأمراض والاستفادة منه في الحفاظ على صحة الإنسان، ومن بين هذه النباتات “الثوم” أو ما يطلق عليه الوردة البيضاء في الطب الشعبي، لما يمثله من قيمة علاجية في مكافحة الفيروسات.

وتشير المراجع التاريخية إلى أن المصري القديم كان يستعمل الثوم كثيرًا في أكله كما هو الحال الآن، وفي الوصفات الطبية، وعثر على حباته منذ عهد ما قبل الأسرات، كما وجد في الحضارة البابلية واليونانية والرومانية والصينية.

كيفية زراعته وحصاده

وفي هذا الصدد قال فيصل فاوي، مهندس زراعي، إن الثوم عضو عائلة البصل وهو نبات معمّر ينمو في المناخ الدافئ، ويعتبر من أٌقدم النباتات التي زرعت بشكل واسع في جميع أنحاء العالم، ومذكور في عدة حضارات قديمة كعلاج وقائي للعديد من الأمراض، وذلك لاحتوائه على مجموعة من الفيتامينات أ، ب، ج، و، هـ.

يضيف فاوي، ينقسم الثوم إلى نوعين الثوم “البلدي” وهو الصنف المنتشر زراعته في مصر ولون القشرة بيضاء، وحجم الرأس كبير، ولكن عدد الفصوص كثيرة تصل إلى أكثر من 50 فص.

أما الثاني فهو الثوم “الصيني” وهو صنف تصديري وغير مرغوب في السوق المصرية، وحجم الفص كبير وعدد الفصوص في الرأس قليلة تصل من 10 : 15 فص، ويعطى الفدان حوالي من 8 إلى 10 أطنان.

ويتابع: يبدأ المزارعون خلال شهر أكتوبر وحتى النصف الأول من شهر نوفمبر زراعة الثوم، وهو من المحاصيل الشتوية التي يعتمد عليها الأهالي في سد احتياجاتهم منه، وبيع الفائض لتحقيق ربح يساعدهم على رفع مستواهم المعيشي

وعن خطوات زراعته، يقول، يتم تجهيز الأرض جيدا قبل الزراعة فهي أحد العوامل الأساسية لنجاح المحصول وتفادى إصابته بالأمراض، مشيرا إلى ضرورة حرث الأرض جيدا وإضافة السماد البلدي بمعدل 40 إلى 50 م3 للفدان مع 150 إلى 200 كيلو سوبر فوسفات للفدان وتقليب التربة جيدا.

وبعد ذلك تخطيط التربة بمعدل 14 خط في القصبتين، ويزرع الثوم على ريشة واحدة في الثلث العلوي على مسافة 10 سم، بحيث تكون قاعدة الفص لأسفل وقمته لأعلى، مع مراعاة أن تكون الفصوص سليمة وممتلئة وغير مكسورة أو مصابة بالأمراض.

ويوضح المهندس الزراعي أن المحصول يروى كل 10 أيام بعد رية الزراعة مباشرة، مع ضرورة إضافة الأسمدة البوتاسية والفوسفاتية، إلى جانب بعض العناصر الصغرى مثل الحديد بمعدل 27 جم/م3 ماء ، والزنك بمعدل 2 – 6 جم/م3 ماء، والمنجنيز بمعدل 4 – 6 جم/م3 ماء للفدان.

ويشير إلى ضرورة عدم التسرع في حصاد المحصول إلا بعد ظهور علامات النضج وهي اصفرار المجموع الخضري، وسهولة عملية التفصيص، وبعد ذلك يتم تقليع المحصول باستخدام “القدوم” بحذر حتى لا تجرح الفصوص، وينتج الفدان من 5 – 6 أطنان، مضيفًا: بعد جمع المحصول يتم تجفيفه في الشمس ومن ثم نقله لمكان جيد التهوية لتخزينه.

الاستخدامات الطبية

وصف كتاب “زهرة البستان ونزهة الأزهار”، لصاحبه أبو عبد الله محمد بن مالك المري، (نسبة إلى قبيلة مرة) أو ابن حمدون الإشبيلي، فهو طبيب وعالم بالفلاحة، وكان معروفاً زمن لسان الدين ابن الخطيب، إذ قال عنه: ” ومن تواليفه كتابه الشهير في الفلاحة، وهو بديع، سماه زهرة البستان ونزهة الأذهان، عبرة في الظرف “.

يقول إن الثوم مضاد حيوي ويستخدم في علاج المفاصل حينما يطحن ويدهن به، وذكر قول ابن ماسوية عنه: أن من خواصه علاج البلغم حينما تقطع أوراقه ويتم غليانها وتمضض بها، وأيضا لعلاج لسعة الهواء البارد والمقصود بها البرد.

ويوصفه “قسطيس” بأنه من أكل الثوم على الريق لم يضره أي لدغة من الحشرات ومفيد ومسكن لألم اللأسنان.

بينما نشرت المجلة العلمية “Maturitas ” دراسة عن “الثوم” أوضحت فيها أنه يمكن استخدامه كمطهر ومضاد حيوي طبيعي قد يكون مفيداً كدواء لعلاج ارتفاع ضغط الدم.

وذكرت إلين مايسون، من كبار الممرضات في مؤسسة القلب البريطانية، في تصريحات صحفية عن استخدامات الثوم، أنه يعود إلى آلاف السنين.

ولكن من الضروري أن يثبت البحث العلمي أن الثوم يمكن أن يساعد في حالات، مثل ارتفاع ضغط الدم حيث أظهرت الدراسات الطبية والعلمية انخفاضا طفيفا في ضغط الدم بعد استخدام مستخرجات الثوم، ولكنه ليس كافيا أو كبيرا بما فيه الكفاية حاليا، كي يوصى به بديلاً عن الدواء.

ونفت منظمة الصحة العالمية استخدام نبات الثوم في مقاومة وعلاج فيروس كورونا أو ما يطلق عليه علميا ” كوفيد-19″، حيث قالت المنظمة إن الثوم يعد طعامًا صحيًا، ويتميز باحتوائه على بعض الخصائص المضادة للميكروبات، ومع ذلك، لا يوجد أي دليل يؤكد أن تناول الثوم يقي من العدوى بفيروس كورونا المستجد.

تاريخ استخدام الثوم

بحسب عدد مجلة العربي رقم (435) الذي يتناول الثوم وتاريخ استخدامه، فإنه يعود في الحضارة المصرية القديمة إلى النقوش التي وجدت على جدران المعابد، وكان يعطى للعمال لتقويتهم والمحافظة على صحتهم.

بينما في الصين يعود إلى 2000 سنة قبل الميلاد، وكانت تُستهلك من قبل الجنود والبحارة الرومان والإغريق والطبقات الريفية.

ووصف جالينيوس الثوم بأنها “ترياق ريفي حيث ناقش كونها نوع من الرعاية التلطيفية من حرارة الشمس في العمل الميداني، ووضعها الإغريق على أكوام من الحجارة في مفترق الطرق كغذاء لأحد آلهتهم المسمى (hecate)”.

وبناء على كتاب التاريخ الطبيعي لـ”بلينيوس”، فإن الثوم والبصل كانت تستدعى كآلهة عند حلف اليمين عند المصريين، وتم استخدام الثوم كمعقم لمنع الغرغرينة خلال الحربية العالميتين الأولى والثانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى