حوارات و تقارير
من هي السيدة سنهوري التي بُني من أجلها أشهر مسجد بالخرطوم؟
دعاء رحيل
اسم السيدة سنهوري التي بُني من أجلها المسجد الأشهر بالعاصمة الخرطوم، جنبا إلى جنب مع اسم إمام المسجد والقارئ الأبرز في الجيل الحالي، الشيخ الزين محمد أحمد.
كما يواجه إدارة شرطة المرور في العاصمة السودانية الخرطوم صعوبات بالغة في تنظيم حركة السير بشارع الستين الرئيس، طيلة شهر رمضان المبارك، جراء امتلاء صحن مسجد السيدة سنهوري عن آخره بالمصلين، واضطرار أعداد ضخمة منهم لتأدية صلاتي القيام والتهجد خارج باحات المسجد وصولا إلى شارع الإسفلت.
كما يزوره قرابة 10 آلاف مصل يوميا إلى المسجد، طيلة أيام شهر رمضان المبارك، لأداء صلاتي القيام والتهجد خلف المقرئ الشيخ الزين محمد أحمد.
من السيدة سنهوري؟
كانت أمنيات زوجة رجل الأعمال ذائع الصيت، مأمون البرير، الحاجة السيدة سنهوري، في أن يُشاد لها مسجد يكون قبلة للمصلين، طمعا في الأجر العظيم.
أمنية لم يتأخر أبناؤها في إحالتها إلى واقع، ففعلوا ذلك من باب البر بها في العام 2001 وخلال سنوات حياتها، بإنشاء مسجد فخم باسمها، مع التكفل بكافة شؤونه ومصروفاته، بما في ذلك أجور العاملين، وأموال التشغيل والتسيير، وعمليات الصيانة والتأهيل المستمرة، من خلال منظمة باسم والدهم في محاولة لإمساك البر من كلتا كفتيه.
سر الشهرة
ما يذكر اسم السيدة سنهوري، إلا ويذكر اسم الشيخ الزين محمد أحمد، يتقاسمان الصيت في الدنيا، والأجر في الآخرة بمشيئة الله.
ويعتبر شيخ الزين أحد أهم أسباب ذيوع شهرة السيدة سنهوري، حيث تجتذب قراءاته الآسرة برواية حفص عن عاصم، أعدادا كبيرة من المصلين للمسجد، لا سيما في الموسم الرمضاني.
ويتسم الزين كبقية قراء إقليم كردفان بالمقامات التي تحاكي حداء الرعاة، ما يدس في حناجرهم شيء من الحلاوة الممزوجة بالحزن.
ويمتلك الشيخ الزين مكانة خاصة في نفوس السودانيين، وله جمهور ضخم يجعله يبز نجوم الفن والغناء مجتمعين، حيث تسمعه يرتل القرآن بصوته الشجي طوال اليوم، في الأسواق، ومركبات النقل، وداخل البيوتات، ويعيش في ذاكرة الهواتف النقالة، ساعد على ذلك أن محطة القرآن الكريم المحلية على الراديو تبث القرآن بصوته على مدار اليوم.
يصف الشيخ الزين قبول السودانيين له، وإقبالهم على المسجد الذي يؤمه بأنه توفيق من عند الله.
و تبدأ علاقته بالمسجد مع تأسيسه في العام 2001، مفندا الأحاديث القائلة إنه يأخذ أجرا، ناهيك عن أجر ضخم، مقابل إمامته للناس في رمضان.
جغرافيا المسجد ومكوناته
تقع بوابة المسجد الرئيسة في جهته الغربية على شارع الستين، ضمن قطعة أرض شديد التميز عند بدايات حي المنشية الراقي شرقي العاصمة، وعند تقاطع عدة طرق رئيسة، تُفضي إلى مطار الخرطوم الدولي، وتتفرع حتى شارع النيل السياحي.
ويتسم المسجد بمئذنتين تضمان مبنى تصل مساحته إلى 600 متر، مكون من طابقين للمصلين، أحدهما مخصص للنساء بمساحة 280 مترا، علاوة على سطح مهيأ لفك الاكتظاظ خلال موسم رمضان.
ويعتبر الأخضر لونا مميزا للمسجد، ليس في جدرانه وحسب، وإنما في الحديقة الخارجية المكتظة بالأشجار، والنجيل المبثوث خلالها مجموعات من الفُرش، والمراوح التي تبث الرزاز، وتستخدم أوان صلاتي القيام والتهجد، والأعياد، بجانب استقبال موائد الإفطار الجماعية خلال رمضان.
ونجد أن عرصات المسجد وممراته معروشة بمظلات شبيهة بخيام الحجيج، وفي منتصف باحاته تنهض كشافات إضاءة ضخمة، وبأركانه يستوطن 18 حماما ومتوضأ سواء للرجال أو النساء.
وبالدخول للمسجد، نجد أنّ العلامات المميزة تتمثل في القبة الرئيسة التي تتوسط المسجد، بنقوش ذات طابع إسلامي، وإطار دائري يلفها مزدان بآية الكرسي.
وتتوزع الآيات القرآنية، وأسماء الله الحسنى على كافة الجدران، يتوسطها منبر مزدان بالفسيفساء العثمانية الدقيقة، التي تحاكي طبعة المصحف العثماني.
وتحمل المسجد أعمدة رخامية عملاقة، ينتشر فيما بينها “النجف”، وتتناثر في الحواشي أجهزة التكييف، والمصاحف وحاملاتها.
جوانب إدارية
وفي هذا الصدد قال الصادق حمدان أحمد، أحد المسؤولين الرئيسين عن إدارة المسجد، أن الإدارة توفر خلال موسم رمضان، طاقما يضم عشرات العاملين، لخدمة المصلين وتنظيمهم، وتأمين وجودهم أثناء الصلوات.
وعن فعاليات رمضان خلافا لصلاتي التهجد والتراويح، يؤكد الصادق إن إدارة المسجد درجت على إقامة إفطار جماعي وتقديم 5 آلاف وجبة يوميا للمحتاجين والمارة وأبناء السبيل، هذا علاوة على تقديم قوارير المياه لكافة المصلين، مذكرا بفعاليات التهجد، حيث يستضيف المسجد عشرات المعتكفين في العشر الأخيرة من رمضان.
يذكر، أنّ الصادق وبقية الطاقم من ضمن مهامهم الكثيرة، توفير التجهيزات اللازمة للمحطات التلفزيونية التي تبث صلاة القيام مباشرة من داخل المسجد.
توفيق إلهي
“التوفيق الإلهي” الذي نتج عنه حالة الإدغام الكاملة بين المسجد وإمامه، هو العبارة المُثلى لتلخيص حكاية مسجد السيدة سنهوري.
توفيق جعل من المسجد شامة في خد الخرطوم، وقبلة للمُصلين الذين يجتذبهم إليه بطريقة روحانية غامضة، وموطنا لعقد زيجاتهم لما يميز جغرافيته من سهولة ويسر، وكذلك فهو مركز لباعة المسابح والطواقي (قبعات محلية) الآملين في الربح الوفير، وحتى للمتسولين الذين يقصدونه أملا في جزيل عطاء المصلين.