حوارات و تقارير

فورين بوليسي: هل يعود بعبع القرن الـ20 الذي يسعى لإعادة تقسيم أوروبا؟

دعاء رحيل
 
عندما شنت روسيا على أوكرانيا مثّل ذلك لحظة فاصلة بالنسبة للعالم الغربي أثارت إحساسًا بالتاريخ وإلحاح اللحظة والصراع الوجودي. لأن الحدث يعني عودة بعبع القرن الـ20 الذي يسعى لإعادة تقسيم أوروبا. وقد تضافرت هذه العوامل لتضفي طابعًا عاطفيا على صراع أوكرانيا ضد روسيا الذي انغمس فيه العالم الغربي.
 
هذا ما يراه طارق المجريسي الباحث في الشؤون السياسية في برنامج شمال أفريقيا والشرق الأوسط بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، في مقال له بمجلة فورين بوليسي (Foreign Policy)، استهله بالقول إن سياسة الرد الغربي على الغزو الروسي لأوكرانيا تشكلت من خلال منطق الإلحاح وتلك النظرة العاطفية للحدث.
 
ولفت المجريسي إلى أن الغرب سارع إلى إمداد أوكرانيا بالسلاح، في حين هرع المتطوعون الشباب من الدول الغربية البعيدة إلى الجبهة الأوكرانية للمشاركة في القتال، وبدا أن الجميع يرحب بتسليح شعب يبلغ عدد سكانه 41 مليون نسمة، كما وضعت خطط لتسريع انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي.
 
ومع استمرار الحرب زادت تلك الجهود، حيث ستزود الولايات المتحدة أوكرانيا هذا الشهر بطائرات مسيرة ومروحيات عسكرية ومدفعية ثقيلة للمساعدة في الدفاع عن دونباس، بينما يجهز الحلفاء الآخرون قاذفات صواريخ مضادة للطائرات ومدفعية وربما طائرات مقاتلة لدعم الأوكرانيين في حربهم لصد الغزو الروسي.
 

الغرب يزرع بذور أزمة طويلة الأمد

ومن جهته المجريسي إن ما يحدث الآن في أوكرانيا يعيد للأذهان الأيام التي شهدت تحول الثورات الشعبية ضد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس السوري بشار الأسد إلى العنف. فقد كانت سياسات دعم الثوار ذوي النية الحسنة يمليها الأمل في التغيير وإحقاق الحق وإلحاح اللحظة، مما حال دون اتخاذ الحيطة اللازمة والتخطيط المطلوب.
 
وحذر الكاتب من أن نتيجة تلك السياسة في التعاطي مع الحرب في أوكرانيا، كما هو الحال في التعاطي مع ثورات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هي أن الغرب يزرع بذور أزمة قد تستمر على مدى 10 سنوات قادمة بسبب فشله في التخطيط المحكم الآن.
 
فيما نوه الكاتب إن الغرب بدأ إمداد أوكرانيا بكم هائل من الأسلحة قبل بداية الغزو الروسي، بما في ذلك الأسلحة المتطورة مثل صواريخ “جافلين” (Javelin missiles) الأسطورية المضادة للدبابات وصواريخ ستينغر Stinger المضادة للطائرات والسيارات المدرعة وأجهزة الراديو المتقدمة وكل ما يلزم للتفوق في الحروب الحديثة. ورجح الكاتب أن يكون حجم وسرعة النقل الجوي للأسلحة الغربية إلى أوكرانيا هو الأكبر في التاريخ المعاصر.
 

مخاطر

كما سلط المقال الضوء على خطورة إمداد أوكرانيا بهذا الكم من الأسلحة خاصة الخطيرة منها، مشيرا إلى أن التزويد بصواريخ مثل جافلين وستينغر يخضع عادة للرقابة الصارمة، وبشروط صارمة للاستخدام نظرا لمدى قوتها وخطورتها.
 
وقد سبب الكشف عن نشر فرنسا صواريخ جافلين خلال عملياتها السرية في ليبيا في عام 2019، إحراجا كبيرا لباريس.
 
وذكر الكاتب بسجل دول أوروبا الشرقية السيئ فيما يتعلق بنشر الأسلحة في مناطق الصراع بالعالم، مشيرا إلى أن سجل أوكرانيا السيئ في هذا المجال كان سببا في توتر مفاوضاتها السابقة مع الناتو خلال مساعيها للانضمام إلى الحلف.
 
وأنهى الكاتب مقاله بالتحذير من أن الغرب وبإمداده بلدا متورطا في نشر السلاح بأسلحة متطورة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات ويغيب فيه دور آليات التنظيم والرقابة بسبب الحرب، فإنه بذلك يكون قد حرك أولى أحجار الدومينو لمسار ينتهي بتمكين جماعات إرهابية أو غيرها من الجهات الفاعلة غير الحكومية من الحصول على صواريخ جافلين وستينغر بمجرد انقشاع غبار الحرب في أوكرانيا.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى