حوارات و تقارير
العالم في مأزق بسبب الأمن الغذائي.. الحرب الأوكرانية تجبر المزارعين على تقليل الإنتاج
دعاء رحيل
تتميز أوكرانيا بتربتها الخصبة وهي مصدر أساسي للقمح والشعير وعباد الشمس والذرة للعديد من دول العالم ولا سيما دول شمال أفريقيا، لكن الحرب الروسية على أوكرانيا ألقت بظلالها على قطاع الزراعة وأجبرت المزارعين على تخفيض الإنتاج بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وسبل التنقل والمواصلات.
وفي هذا الصدد أكد مزارعون أوكرانيون لصحيفة (الغارديان) البريطانية إن عمليات الزراعة والحصاد والتصدير قد تعطلت بسبب نقص الأسمدة وانخفاض إمدادات الوقود للجرارات وإغلاق الموانئ والتركيز على النشاط العسكري.
فيما تقوم أوكرانيا حاليًّا بتصدير كمية صغيرة من القمح المخزن عن طريق السكك الحديدية والطرق البرية عبر بولندا ورومانيا.
مخاوف على الأمن الغذائي
وفي السياق ذاته أفاد المسؤولون الأوكرانيون بأن طرق التصدير الأخرى عبر نهر الدانوب والسكك الحديدية مقيدة بسبب عدم كفاية المرافق، مما يثير مخاوف على الأمن الغذائي المحلي والدولي.
ومن جهته قال رئيس المجلس الزراعي الأوكراني أندري ديكون إن القيود المفروضة على بيع القمح المخزن “تمثل تهديدا للأمن الغذائي العالمي”، مضيفا “في غضون أشهر قليلة سيكون هناك محصول جديد، فأين سنخزنه؟”.
وتابع “يحتاج المزارعون إلى المال لشراء الوقود والأسمدة لا سيما مع ارتفاع سعر الوقود منذ بدء المعارك”، مشيرا إلى أن أوكرانيا تحصل على إمدادات الوقود من روسيا لكنها تبحث حاليا عن مصادر أخرى.
وأضاف ديكون “يشعر المزارعون الآن بالخوف عند الذهاب إلى الحقول، ويبدو أن الجيش الروسي يسعى إلى تدمير صناعتنا الزراعية”.
وفي السياق نفسه، قال سيرهي إيفاشوك وهو مدير لإحدى المزارع في غرب أوكرانيا “الزراعة تباطأت هذا العام، لقد فقدت عمالا وعربات زراعية لصالح الجيش الأوكراني”.
وتابع “المدخلات الزراعية الخاصة بنا كافية إلى حد ما في الوقت الحالي لكن تنقصنا البذور والأسمدة ومنتجات حماية المحاصيل”.
كما شدد “لديّ مخزون من الذرة والقمح جاهز للبيع لكن لم أتمكن من تصديرهما بسبب القيود اللوجستية المفروضة على استخدام السكك الحديدية”.
أزمة غذاء عالمية
شهدت أسعار المواد الغذائية الرئيسية ارتفاعا هائلا في العديد من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط وظهر نقص في سلع أخرى مثل الزيوت بمختلف أنواعها.
وتتزايد المخاوف في لبنان بشأن واردات القمح حيث تستورد أكثر من 60% من قمحها من أوكرانيا.
وتسبب الانفجار الهائل لميناء بيروت في أغسطس/ آب 2020 في تدمير صوامع الحبوب الرئيسية، ويُعتقد أن لبنان لديها ما يكفي من القمح لحوالي 6 أسابيع فقط، حسب ما نشرته صحيفة (الغارديان) البريطانية.
من جانب آخر، قال وزير الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن “تسعى الحكومة اللبنانية لتوفير القمح من مصادر جديدة مثل الهند والولايات المتحدة وكازاخستان”، مؤكدا أن بلاده لا تشهد أي أزمة قمح حاليا.
أما في مصر التي تعتبر المستورد الأكبر للقمح في العالم، فقد دعا وزير التموين المصري علي المصيلحي المصريين إلى عدم القلق، وقال إن “مخزونات البلاد كافية لمدة أربعة أشهر على الأقل”.
واستوردت مصر أكثر من 70% من قمحها من روسيا وأوكرانيا العام الماضي، وفقًا للأمم المتحدة، وتبحث الحكومة المصرية حاليا عن مصادر بديلة لاستيراد القمح.
وفي السياق ذاته نوه وزير الزراعة الفرنسي إن بلاده “ستقف إلى جانب” مصر “للتأكد من حصولها على القمح الذي تحتاج إليه في الأشهر المقبلة”.
بينما أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن بلاده تعوّل على علاقاتها الاستراتيجية مع فرنسا في تدبير احتياجاتها من القمح خلال الأشهر المقبلة، فضلا عن تأمين بعض الإمدادات من السلع الأساسية إذا طال أمد الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرا إلى أن فرنسا تنتج نحو 35 مليون طن من القمح سنويا.