حوارات و تقارير

بينها “الإطاحة ببوتين”.. 5 سيناريوهات لانتهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا

أسماء صبحي

لا يمكن لااي أحد خلال الفترة الراهنة أن يجزم بما ستأول إليه الأمور في أوكرانيا، خاصة في ظل تصاعد دخان الحرائق والتفجيرات، واستمرار المعارك في الشوارع والساحات، وبينما يتابع العالم مأساة عائلات الضحايا والنازحين، ويسمع عن التحركات الدبلوماسية بعيداً عن الأضواء، يتساءل البعض عن التوقعات الأكثر واقعية للطريقة التي ستنتهي بها الحرب، وما هي السيناريوهات التي يراها السياسيون والعسكريون؟، وهو ما سنتناوله في التقرير التالي.

حرب قصيرة

يفترض الخبراء والعسكريون في هذا السيناريو، أن تقوم روسيا بتصعيد عملياتها العسكرية، في هذه الحالة قد يزداد القصف العشوائي المدفعي والصاروخي في مختلف المناطق بأوكرانيا، ومن المتوقع حينها أن تشن القوات الجوية الروسية، التي لم يكن لها دور كبير حتى الآن، غارات مدمرة، وأن تتعرض المؤسسات الأوكرانية الرئيسية إلى هجمات الكترونية واسعة، مع قطع الاتصالات وموارد الطاقة، يقتل آلاف المدنيين.

وعلى الرغم من المقاومة الشرسة، من المتوقع في هذا السيناريو أن تسقط كييف خلال أيام، ويتم عزل الحكومة وتستبدل بحكومة موالية للنظام في موسكو، ويتم إغتيال الرئيس زيلينسكي أو يهرب لتشكيل حكومة في المنفى، ويعلن الرئيس بوتين النصر ويسحب بعض قواته، تاركاً ما يكفي منها للسيطرة على الأوضاع، ويواصل آلاف اللاجئين الهروب غرباً، وتنضم أوكرانيا إلى بيلاروسيا كدولة زبونة لموسكو.

وهذا السيناريو ليس مستحيلاً، ولكنه يتعلق بعدد من العوامل، من بينها أن يتحسن أداء القوات الروسية، وأن تفتر عزيمة القتال والمقاومة المذهلة التي أظهرها الأوكرانيون، وقد ينجح الرئيس بوتين في تغيير النظام في أوكرانيا بعد حملته العسكرية على جارته الغربية، ولكن أي حكومة موالية لروسيا ستكون هزيلة ومعرّضة للتمرّد الشعبي عليها، وسيؤدي هذا الوضع إلى حالة من عدم الاستقرار تنذر باحتمال تجدد النزاع مرة أخرى.

حرب طويلة

وفي هذا السيناريو ، من المتوقع أن يتطور الوصع إلى حرب طويلة الأمد، حيث تجد القوات الروسية نفسها غارقة في الوحل بسبب تحطم معنوياتها أو ضعف معداتها أو فشل قياداتها، وقد تستغرق القوات الروسية وقتاً أطول في السيطرة على المدن مثل كييف، التي يقاتل المدافعون عنها من شارع لشارع، فيؤدي ذلك إلى حصار طويل الأمد، ويعيد القتال إلى الأذهان الصراع الوحشي الطويل الذي خاضته روسيا في التسعينيات للسيطرة وتدمير غروزني عاصمة الشيشان.

وحتى لو استطاعت القوات الروسية دخول المدن الأوكرانية، فإنها قد تجد صعوبة في إحكام السيطرة عليها، وقد لا تستطيع روسيا توفير العدد الكافي من القوات لفرض وجودها في بلاد بهذه الشاسعة، وتتحول الدفاعات الأوكرانية إلى فرق تمرد فاعلة، مسلحة بالعزيمة ودعم السكان، ويواصل الغرب إمداد الأوكرانيين بالأسلحة والذخيرة، وربما تتغير القيادة السياسية في موسكو بعد سنوات فتغادر القوات الروسية أوكرانيا، منهكة ومدحورة مثلما حدث لها في 1989 في أفغانستان بعد عشرية كاملة من القتال ضد المتمردين الإسلاميين.

حرب أوروبية

قد يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا السيناريو، إلى استعادة أجزاء من الإمبراطورية الروسية السابقة، فيقوم بإرسال قواته إلى جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقاً، مثل مولدوفا وجورجيا وهما ليستا في حلف الناتو، وقد يكون الأمر مجرد تصعيد وحسابات خاطئة، وقد يعلن الرئيس بوتين أن إمداد الغرب أوكرانيا بالأسلحة عدوان يتطلب الردّ، وقد يهدد بإرسال قواته إلى دول البلطيق، التي هي في حلف الناتو، مثل لتوانيا، وفتح ممر أرضي إلى الجيب الروسي الخارجي الساحلي كالينينغراد، وسيكون هذا الأمر بالغ الخطورة وقد ينذر بحرب مع حلف الناتو.

وتشير المادة الخامسة من ميثاق التكتل العسكري إلى أن أي اعتداء على عضو واحد في الحلف، هي اعتداء على جميع الأعضاء، ولكن الرئيس بوتين قد يجازف بذلك إذا رأى أنه السبيل الوحيد الذي يضمن له البقاء في السلطة، فإذا شعر بأنه يتجه نحو الهزيمة في أوكرانيا فإنه سيحاول التصعيد أكثر، ونعرف الآن أن الزعيم الروسي عازم على انتهاك الأعراف الدولية الثابتة.

وينطبق ذلك على الأسلحة النووية، فقد وضع بوتين هذا الأسبوع قواته النووية في أعلى درجات الاستعداد، ويشكك أغلب المحللين في أن يعني هذا استعمالها المرجح أو الوشيك، ولكنه تذكير بأن العقيدة الروسية تسمح بالاستعمال التكتيكي للأسلحة النووية في ساحة المعركة.

الحل الدبلوماسي

يأتي هذا السيناريو، بعد أن قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن “السلاح نطق الآن، ولكن لابد أن يبقى طريق الحوار مفتوحاً”، والحوار متواصل بالفعل، حيث تحدث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى الرئيس بوتين هاتفياً، ويقول دبلوماسيون إن الغرب يواصل استشعار مواقف موسكو، كما أن المسؤولين الروس والأوكرانيين أحدثوا مفاجأة عندما التقوا لإجراء محادثات على الحدود مع بيلاروسيا، وإن كانت المحادثات لم تحقق أي تقدم، فإن بوتين على الأقل قبل باحتمال التفاوض على وقف إطلاق النار.

والسؤال الأساسي المطروح هو إذا كان الغرب على استعداد لتقديم ما يسميه الدبلوماسيون “مخرجاً من الطريق السريع”، ويقول الدبلوماسيون إنه على بوتين أن يعي متطلبات رفع العقوبات الغربية من أجل التوصل إلى اتفاق يحفظ ماء الوجه.

الإطاحة ببوتين

أكد الرئيس الروسي مع بدء إطلاق العملية العسكرية: “نحن مستعدون لأي نتيجة كانت”، ولكن ماذا لو كانت النتيجة أن يفقد السلطة؟، يبدو الأمر بعيداً عن التصور، ولكن العالم تغير في الأيام الأخيرة، ومثل هذه الأمور يجري التفكير فيها فعلاً، فقد كتب البروفيسور السير لورنس فريدمن، أستاذ الدراسات الحربية في كينغز كوليدج في لندن: “تغير النظام محتمل اليوم في موسكو مثلما هو محتمل في كييف”.

لماذا يقول مثل هذا الكلام؟ ربما لأن بوتين يخوض حرباً كارثية، فآلاف الجنود الروس يموتون، ربما هناك مخاطر باندلاع ثورة شعبية، ويلجأ بوتين إلى قوات الأمن الداخلي لقمع هذه الثورة، ولكن الأمور قد تنفلت من يديه، فينقلب عليه عدد كاف من السياسيين والعسكريين والنخبة.

ويقول الغرب إذا رحل بوتين وحل محله قائد معتدل فإن العقوبات ستخفف عن روسيا وتعود العلاقات الدبلوماسية إلى طبيعتها مع موسكو، وقد يحدث انقلاب عسكري دموي فيترك بويتن السلطة، ولا يبدو هذا الأمر أيضاً مرجحاً الآن، ولكنه ليس مستبعداً إذا شعر الأشخاص المستفيدون من بوتين بأنه لم يعد قادراً على حماية مصالحهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى